ثانوية عامة بنكهة الدم
بقلم/ عفاف الفرجاني
تزامنًا مع امتحانات الثانوية العامة في دولة فلسطين ووسط هذه الأحداث الدموية قادني الفضول إلى البحث عن أوضاع هذه الفئة من الطلاب بنين وبنات الذين يتأهبون لمرحلة تحول في مسيرة حياتهم العلمية والعملية، فالذي فاجأني ليس التحصيل العلمي ولا الوضع النفسي والصحي لهذه الفئة، بل وجدت معدل الوفيات بقطاع غزة وصل إلى 7034 طالبًا تم قتلهم منذ بداية العدوان الصهيوني على غزة في 7 أكتوبر من العام الماضي، أضف إليهم 65 طالبًا من الضفة الغربية.
طبعًا عدا عشرات الآلاف من الطلاب في القطاع المحرومين من مدارسهم بسبب القصف والاستهداف، وما يقرب من 39 ألف طالب وطالبة لم يتمكنوا من أداء امتحانات الشهادة الثانوية، هذا العدوان الغاشم الذي تشهده المنطقة والقطاع أدى إلى تعليق العملية التعليمية برمتها، منذ العدوان الإسرائيلي في السابع من أكتوبر، على الأقل تم إغلاق 563 مدرسة في القطاع، وحرم 620.000 طالب من حق التحصيل العلمي، حتى النزوح القسري كانت وجهته الأولى المؤسسات التعليمية، حيث تم تحويل 288 مرفقًا تعليميًّا إلى مراكز إيواء للنازحين، بما فيها 155 مدرسة تابعة للأونروا، وهنا نذكر بوجود أكثر من 1320 طالب ثانوية عامة خارج حدود بلادهم بعد أن قذفت بهم آلة الحرب.
هذا القصف والتدمير المتعمد للمرافق التعليمية يعد ضمن خطة ممنهجة تتبعها إسرائيل لتدمير أهم شريحة يعتمدها الهرم السكني في فلسطين.
نحن هنا لا نتحدث عن العيد والفرحة التي انتزعت من هؤلاء الطلاب والأطفال وذويهم، فالعيد وفرحته شعائر دينية ومراسم احتفالية اجتماعية لا يملكها شباب غزة، اليوم الطالب الفلسطيني بصفة عامة أمام استحقاق لا يمكن التنازل عنه وهو حقه في التعليم الذي حرمه منه المحتلون الغزاة.
فالحروب التي شاهدها أبناء غزة تسببت وبشكل متعمد في تدهور الصحة النفسية لهذه الشريحة، فالتقارير التي أعدتها كبريات المنظمات المهتمة بإنقاذ الطفولة وجدت أن نحو 80% من أطفال غزة يواجهون تحديات وأمراضًا نفسية وسلوكية لها تبعاتها البدنية والصحية وما يعرف بمتلازمة الخوف دائمًا، وكل هذا يقودنا إلى نتيجة واحدة هي تعمد قوات الاحتلال تدمير النشء نفسيًّا وبدنيًّا، وذلك لمعرفة العدو بحقيقة الفلسطيني “عزيمة وصمود وتحدي” والذي تربى وعاصر مشاهد الإبادة والظلم والاضطهاد الذي يقع على أهله سيثور بعلمه وإرادته عليهم، وهذا سلاحه، وهنا كان لزامًا لجمه.