“الموقف الليبي” تتابع مراسم تأبين الشخصيات الوطنية الاجتماعية الليبية
إعداد – منـيـــرة الشـــريف:
أقيمت بالعاصمة المصرية القاهرة مساء الجمعة الماضي، الموافق 21 يونيو الجاري، مراسم تأبين الشخصيات الوطنية الاجتماعية، الذين انتقلوا إلى رحمة الله تعالى بالتزامن مع أيام عيد الأضحى المبارك، المهندس جاد الله عزوز الطلحي، الشيخ علي الأحول والشيخ محمد مصباح البرغوثي، بحضور عدد من الشخصيات السياسية والوطنية وجمع غفير من أبناء الجالية الليبية في مصر.
بدأت مراسم التأبين بكلمة ألقاها الدكتور اشتيوي الجدي، جاء فيها:
إن الحديث عن المهندس جاد الله عزوز الطلحي، في هذه السانحة البسيطة في زمنها والعظيمة في مضامينها، هو أمر بالغ الصعوبة على من يحاول اختزال حالة نادرة من العلم والأدب والمهنية والأخلاق في سطور وكلمات زادت أو قلت فلن تفي الراحل الكبير حقه.
وتابع: لا يمكن لأيٍّ كان أن يحصر حديثه والتعريف بالمهندس جادالله عزوز الطلحي، ضمن دائرة الشخص المسؤول المهندس والتكنوقراط والأمين رغم أهمية الدور الوظيفي في حركة البناء والتأسيس والتنمية التي كان الفقيد الراحل أحد أعمدتها وأحد رواد بناء ليبيا الحديثة، فالمهندس جاد الله عزوز الطلحي، هو حالة فريدة مرت في تاريخ ليبيا المعاصر، حظي بثقة عالية من القائد الراحل معمر القذافي، كانت ثقة مبعثها خصائص النزاهة والجرأة الأدبية والمهنية العالية التي تجسدت في شخص وشخصية المهندس جاد الله عزوز الطلحي، الذي كان إداريًّا من الطراز الرفيع، صادق القناعات صلبًا في مواقفه وأمينًا في عرض أفكاره ومؤتمنًا على كل ما كان تحت إدارته وسلطاته من مقدرات وإمكانيات وصلاحيات أدارها بكل نزاهة ونظافة يد يشار إليها بالبنان.
وأضاف: كان الفقيد الراحل من أوائل المتصدين للمؤامرة التي دمرت بلادنا، وخرج أمام الجميع ناصحًا ومحذرًا ومنبهًا الليبيين إلى خطورة المنزلق الدموي الذي دفع فيه الشعب الليبي فاتورة غالية وفقدت فيه ليبيا سيادتها ومواردها واستقلالها.
واختتم الجدي كلمته قائلًا: إننا اليوم نرثي ونؤبن شخصية وطنية قل نظيرها، تركت لنا إرثًا مهنيًّا ومعرفيًّا هو فخر لكل الليبيين، وسجل التاريخ للفقيد الراحل جاد الله عزوز الطلحي أعلى وأجل آيات التكريم وأسمى درجات الصدق والوفاء.
كما ألقى الأستاذ أسعد زهيو كلمة جاء فيها:
فجعنا وفجعت الأمة كلها بوفاة ورحيل رجال سطروا أسماءهم بأحرف من نور وضياء في سجلات التاريخ، وكانت لهم بصمة لن يمحوها الزمن، ولا تجود الحياة بمثلهم في كل يوم، رجال أسهموا في رفعة الوطن وتقدمه، وكانت لهم إسهامات عظيمة.
المهندس جاد الله عزوز الطلحي هو المثقف ورجل الدولة المنضبط الذي تولى عديد المهام القيادية العليا، وكان النموذج الذي يقتدى به، وهو إلى ذاك صاحب خبرة عالية ولديه كمترجم وكاتب ومثقف إسهامات عديدة في المكتبة الليبية، وقبل ذلك هو رجل وطني أصيل صاحب مواقف ثابتة حازمة لا يقفها إلا الأبطال.
الحاج علي الأحول والشيخ محمد البرغوثي تقدَّما وتصدَّرا الصفوف عندما تخاذل من كان في مقدمتها، وقادا ذلك العمل الوطني الكبير (مؤتمر القبائل والمدن الليبية) الذي انعقد في مايو 2011 بمشاركة القبائل كافة، ليكونا في واجهة الأحداث ويشكلا فارقًا كبيرًا، وقد نجحا حينها في تشكيل فِرق من الشيوخ والأعيان والحكماء لتنشيط الدبلوماسية الشعبية، حيث توجهت هذه الوفود إلى المنظمات الدولية والدول الإقليمية، وقدم ذلك المؤتمر العديد من المخرجات التي كانت كفيلة بمعالجة العديد من القضايا التي نعانيها اليوم.
وأضاف زهيو: عندما خرج من خرج من ليبيا عام 2011 وكانت الظروف قاسية وصعبة على الكثيرين، تقدم الراحل الشيخ علي الأحول مرةً أخرى الصفوف، ودعا المهجرين في جمهورية مصر العربية ليشكل معهم جمعية ليبية تعنى بمشاكل الناس وتخلق مساحة من التكافل والتعاضد وجمع الناس في المناسبات المختلفة للحفاظ على نسيجهم الاجتماعي وعدم انفراط عقدهم، فكان كما عهدناه قائدًا وركيزة ومرجعية اجتماعية صلبة.
فيما بقي الشيخ محمد البرغوثي داخل الوطن ليقوم بواجب استثنائي ويتفوق على جهود الأمم المتحدة والسلطات المتعددة في بلادنا الجريحة، في إخماد النيران ونزع فتيل العنف بين أبناء الوطن الواحد، فتارة نراه في طرابلس يفض نزاعًا بين القوى المتحاربة هناك، وتارةً أخرى في مواقع أخرى استدعت وجوده ومن معه من الخيرين، وقد دفع ضريبة مواقفه من الاعتقال والتضييق إلا أنه كان كما عهدناه صاحب جلد عظيم وعزيمة صلبة لا تلين.
واختتم أسعد زهيو كلمته قائلًا: بقدر خسارتنا الفادحة في هؤلاء الأفذاذ إلا أن الفخر والاعتزاز بهم يجعلنا على ثقة بأن بلادنا وشعبنا وقبائلنا ونساءنا لن تكون عقيمًا عن ولادة خلف وجيل وأبطال يقودون بلادنا في معارك النصر والعزة والتقدم والازدهار وهم يحملون هذا الإرث العظيم الذي تركه لنا هؤلاء الرجال الأبطال.
كما ألقى الأستاذ محمد الأسمر كلمة قال فيها: إذ نؤبن اليوم الشيخ علي الأحول فإننا نكون في مقام الهجرة. الشيخ الذي غادر بلاده ولم يعد إليها إلا مسجى إلى مثواه الأخير. الهجرة كانت خيارًا لاستكمال المشروع وليست بحثًا عن الحياة.
وأضاف: فمنذ الأيام الأولى في مقام هجرته كان الشيخ علي الأحول مبادرًا لإنشاء مشروع مهم، وكان الاتفاق على تأسيس الجمعية الليبية للتنمية في جمهورية مصر العربية التي تبنت العديد من المشاريع باتجاه القضايا الليبية، ليس في المهجر بل في الداخل، هذه الحالة الحقيقة شكلت مع مجموعة من المجهودات لكافة الإخوة والرفاق الذين كانوا في أرض المهجر سواء في مصر أم في تونس أم غيرها من الساحات حالة سياسية وثورية واجتماعية، وهي حركة المهاجرين، حتى وإن لم يتم الإعلان عنها بهذا المسمى لكنها كانت حركة المهاجرين التي جمعت قوى وطنية مهمة جدًّا، وعلى رأسها الشيخ علي الأحول، كان العديد من الاجتماعات واللقاءات التي ساهمت في الحفاظ على الوحدة الوطنية في ليبيا، ساهمت في مشروع المصالحة وساهمت في عديد اللقاءات حتى مع القوى الدولية في محاولة جادة لإيجاد مخرج لكل هذه المخترقات التي تعانيها البلاد منذ 2011.
الشيخ علي الأحول -رحمه الله- منذ توليه المهام في أولى حياته المهنية سواء في قطاع الضمان الاجتماعي أم في العمل الشعبي في إطار المؤسسات الشعبية بسلطة الشعب إلى أن اختير منسقًا عامًّا لمؤتمر القبائل والمدن الليبية الذي تأسس في شهر مايو 2011، وشكل حلقة وصل مهمة جدًّا بين قبيلة ورفلة – إحدى أكبر القبائل الليبية التي تحظى بتقدير واحترام كافة القبائل بليبيا في كل المدن والقرى والبادية، وبالتالي هناك تقدير واحترام كبير لهذه الشخصية في شتى أصقاع ليبيا لما قدمته من مبادرات.
واختتم الأسمر كلمته مستشهدا بما قاله الأديب الكبير الدكتور خليفة التليسي في قصيدة الوفاء تجسيدًا لمآثر ومناقب الشيخ علي الأحول إذ قال “ويقول لشيوخها ركبوا الأمور جليلة. وصلوا بهن أوائلا وأواخرا. ولتلك سنتنا نضيف لما بنوا. صرحًا ونترك للبنين عمائرا”.
كما تخلل مراسم التأبين عديد الكلمات ألقاها كل من:الأستاذ أحمد الرماح عضو اتحاد القبائل العربية بجمهورية مصر العربية، والأستاذ علاء أبو زيد الأمين العام للجبهة الشعبية العربية للوحدة، والأخوة عبد الحميد بيزان، والزوام أبو عجيلة منصور، وأحمد قذاف الدم، وحسين السويعدي.
تأبين رئيس وزراء ليبيا الأسبق جاد الله عزوز الطلحي ببنغازي
وأقيمت بمدينة بنغازي مساء يوم الأربعاء، 19 يونيو الجاري، مراسم تأبين رئيس وزراء ليبيا الأسبق ومندوب ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة جاد الله عزوز الطلحي، بحضور المسؤولين الليبيين السابقين وذوي ورفاق الراحل.
وتخلل مراسم التأبين إلقاء عديد الكلمات من قبل رفاق الراحل في العمل الدبلوماسي والخدمي وذويه، تضمنت سيرته وإنجازاته على المستوى المحلي والدولي، في القضايا الإقليمية والمحلية ومواقفه التي عُرف بها خلال توليه عديد المناصب الحكومية.
وقال أمين المؤسسة العامة للإعلام الأسبق رمضان البريكي إنه برحيل جاد الله عزوز الطلحي، فقدت ليبيا إحدى الشخصيات المهمة على مر أربعة العقود الماضية، لما يتصف به من الصفات إتقان في العمل الإداري مع النزاهة والإخلاص في العمل، وهو من العناصر الفاعلة القوية على الساحة الليبية.
وأضاف البريكي أن الراحل من أقدم الكفاءات العلمية في ليبيا، وتحصل على إيفاد لاستكمال تعليمه في الخارج، وعاد إلى الوطن، ليبدأ في خطط التنمية والإعمار التي شهدتها ليبيا.
من جهته، قال أحد ذوي الفقيد الشيخ سالم الطلحي إنه بتوديع الراحل انطوت برحيله صفحة من صفحات العطاء لرجل رغم كل مشاغله لم يقطع صلة أرحامه، ووصل أهله وذويه حتى نهاية عمره.
وأضاف أن الراحل يعد إحدى الشخصيات الوطنية البارزة، الذي تولى كثيرًا من الحقائب، وكان مثالًا للالتزام والنزاهة والعمل والأمانة والحرص على تأدية الواجب الوطني والمهمات الموكلة إليه بكل إخلاص وأمانة.
وتخلل التأبين كلمات ألقاها كل من المهندس مصطفى الدرسي والأستاذ عبدالله المقري والمستشار أحمد أبوخريص والدكتور محمد جبريل العرفي.
مراسم دفن وعزاء الشيخ علي الأحول والشيخ محمد البرغوثي
وفي جنازة مهيبة يوم الأربعاء، 19 يونيو الجاري، تم تشييع جثماني الشيخين علي الأحول ومحمد البرغوثي في مدينة بني وليد، إثر وفاتهما بالتزامن بعد صراع مع المرض.
وحضر مراسم الدفن حشد جماهيري كبير جاؤوا من مختلف المدن والمناطق.
وما زالت الوفود تتوافد على مدينة بني وليد لتقديم واجب العزاء في الشيخين الجليلين علي الأحول ومحمد البرغوثي.
الحركة الوطنية تنعى القيادات الوطنية الاجتماعية
ونعت الحركة الوطنية الشعبية الليبية وفاة القيادات الوطنية الاجتماعية الليبية، المهندس جاد الله عزوز الطلحي والشيخ علي الأحول والشيخ محمد البرغوثي، وأصدرت بيانات قدمت خلالها التعازي لأسر وذوي المغفور لهم بإذن الله.
الحكومة الليبية تنعى المهندس عزوز الطلحي والشيخ محمد البرغوثي
ونعت الحكومة الليبية المهندس جاد الله عزوز الطلحي، وجاء في نعيها “تنعى الحكومة الليبية بخالص الأسى والحزن رئيس الوزراء الأسبق الذي كان ولا يزال رجلًا فاضلًا من خيرة رجال ليبيا، إذ تجسد فيه ضمير هذه الأمة الذي تحمل المسؤولية وكان على قدرها، حيث أخلص الأمانة مترفعًا عن كل المكاسب لا يبتغي أي شيء إلا مصلحة وطنه وشعبه”.
كما نعت الحكومة الشيخ محمد البرغوثي، واصفة إياه بأحد رموز المصالحة، موضحة أن مواقفه ستظل راسخة على مر السنين.
وتقدم نائب رئيس مجلس الوزراء بالحكومة الليبية سالم الزادمة بالتعزية في وفاة الشيخ علي الأحول والشيخ محمد البرغوثي، وكتب على حسابه: وإننا إذ نعزي أبناء الشعب الليبي وعائلاتهم ومحبيهم نسأل الله الغفور الرحيم أن يغفر لهما ويرحمهما ويسكنهما الفردوس الأعلى من الجنة مع النبيين والصديقين، وأن تكون جهودهما الوطنية في لم شمل الليبيين والمصالحة ميراثًا يستمر عليه المخلصون من أبناء الوطن للمصالحة والسلام.
كما تقدم بالتعزية في وفاة الشيخ محمد البرغوثي كلًّا من النائب الثاني لرئيس مجلس النواب مصباح دومة، والنائب علي أبو زريبة.
وما زالت الوفود تتوافد إلى مدينة بني وليد من كل المدن والمناطق ومن كل الجهات والمؤسسات لتقديم واجب العزاء في وفاة الشيخ علي الأحول والشيخ محمد البرغوثي رحمهما الله.