مقالات الرأي

إحياء الإجلاء واجب وطني

بقلم/ ناصر سعيد

تتجدد معنا ذكريات الإجلاء، ويتجدد الجدل مع البعض، جوهر قولهم وباختلاف توجهاتهم، أن الإجلاء إنجاز يُنسب إلى حكومة الملك إدريس، ولا علاقة لثورة الفاتح به، وأنا أقول إنه عيد وطني لليبيين كلهم، حققه أحرار ليبيا، ابتداء من الذين تظاهروا ضد القواعد، إلى النواب الوطنيين في برلمان الحكم الملكي إلى الضباط الوحدويين الأحرار.. ونسأل هؤلاء الذين يكتبون سطورًا على هامش التاريخ الليبي دون معايشة أو قراءة، إذا كان الإجلاء تم بإرادة ملكية ألا يستحق منكم الاحتفال به، على غرار احتفالكم بعيد الاستقلال، واحتفالكم بعيد الجيش السنوسي، أم أن تحرير ليبيا من القواعد أيًا كان بطله، حدث لا يستحق الاحتفاء به؟

ونقول أيضا إننا سنظل نحتفل بطرد الأمريكان والإنجليز والطليان عن أرض ليبيا الحبيبة كل عام وسنعلِّم ذلك لأبنائنا ما حيينا.

وبالمناسبة تَمرُّ علينا هذه الأيام الذكري الـ 54 لإجلاء أكبر قاعدة أمريكية في القارة الإفريقية وجنوب المتوسط، في 11 يونيو 1970م، الذي يعد حدثًا وإنجازًا تاريخيًّا مهمًّا في مسيرة وتاريخ الشعب الليبي، يتوج كفاح الأجداد والآباء ضد الاحتلال، واستجابة صادقة لإرادة الشعب الليبي في التحرر من التبعية والاستعمار.

ومن الدروس المستفادة ونحن نحيي هذه المناسبة أن أسباب التآمر الغربي على ليبيا عام 2011 وطوال العقود الأربعة التي سبقت المؤامرة كانت بسبب الأمجاد التي تحققت للشعب الليبي والأمة العربية وإفريقيا والعالم الإسلامي، والإنجازات والتحولات المعنوية والمادية التي جسدت الحرية بمعناها الحقيقي، وأفقدت الإمبريالية العالمية نفوذها ومصالحها في ليبيا والإقليم، فقد كانت قاعدة (هويلس) هي القاعدة الأمريكية الأكبر في العالم آنذاك والتي كانت تنفذ سياسات أمريكا الاستعمارية في إفريقيا والوطن العربي وحتى أوروبا، فلقد شاركت في العدوان على مصر ودرَّبت وأهَّلت مئات الطيارين من أوروبا والعدو الصهيوني.

وللتذكير: أحد رؤساء وزراء العهد الملكي ووزير خارجية إحدى تلك الحكومات قال (عندما تزايدت الضغوطات الشعبية المطالبة بالجلاء وبالذات عام 1967 ولكون أمن الدولة يتطلب استمرار تلك القاعدة فقد عرض الإجلاء على مجلس النواب آنذاك وشكلت لجنة بالخصوص، وصوت مجلس النواب بالأغلبية لصالح استمرار القاعدة).

ولأن الإجلاء يتطلب إرادة ثورية كانت غائبة في ذلك الزمن ظلت القوات والقواعد الأجنبية جاثمة على الأرض الليبية إلى أن قامت ثورة الفاتح التي كان من أولويات مهامها الوطنية والقومية طرد الوجود العسكري الأجنبي لتحقيق السيادة الوطنية وبناء صرح الكرامة والمجد للمواطنين، الذي أصبح اليوم مفقودًا بسبب العابثين من الخونة والعملاء، وعادت ليبيا تحت الوصاية وحكم السفراء يتحكمون في ثرواتها وقراراتها وينتهكون سيادتها ويقررون من يحكم.

إن إحياء الإجلاء واجب وطني على كل ليبي وليبية، والدعوة ملحَّة لتخليد اليوم المجيد في التاريخ الليبي، بعد أن حاول العملاء طمسه!! ولنقف معا ضد محاولات تزييف التاريخ، ومسح الذاكرة الوطنية من أذهان الأجيال القادمة!! إنه عيد الاستقلال الحقيقي لليبيين، ينبغي أن يُحتفل به كيوم وطني، تحررت فيه ليبيا فعليًّا وعادت الأرض وما عليها إلى أصحابها، ولا شك أن الإرادة والعزيمة الوطنية التي حققت الإجلاء ما زالت في قلوب الليبيين صلبة وقوية وسيعيد التاريخ نفسه وسيتم تطهير ليبيا من المرتزقة والمستعمرين.

الحرية للوطن والسيادة للشعب.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى