-ملفات وتقارير

مع قرب حلول عيد الأضحى.. جنون الأسعار يجتاح أسواق بيع الأضاحي

متابعات – ريم العبدلي – نور المشيطي – علي اللبيدي – علي عبدالنبي

تشهد أسواق بيع الأضاحي واللحوم الحمراء في مختلف المدن والمناطق الليبية ارتفاعًا غير مسبوق في الأسعار مع قرب حلول عيد الأضحى المبارك، ما دفع الأهالي إلى التراجع عن شراء الأضاحي، التي هي إحدى شعائر الإسلام التي يتقرب بها المسلمون إلى الله بتقديم ذبح من الأنعام وذلك من أول أيام عيد الأضحى حتى آخر أيام التشريق.

وبحسب استطلاع أجرته صحيفة “الموقف الليبي” داخل أسواق بيع الأغنام للوقوف على عملية بيع الأضاحي وأسباب ارتفاع الأسعار، فقد بلغ سعر كيلو اللحم من الخروف المحلي في بعض المناطق إلى 90 دينارًا، كما بلغ سعر الأضحية 3 آلاف دينار، ما قيد قدرة المواطنين على الشراء في ظل تدني الأجور والمرتبات واستمرار الأوضاع الاقتصادية الصعبة.

وأرجع خبراء عدم قدرة الليبيين على شراء الأضاحي هذا العام نتيجة الارتفاع المبالغ فيه في الأسعار التي تجاوزت 3 آلاف دينار، مؤكدين أن هناك عدة أسباب، منها غلاء أسعار الأعلاف وعدم توافرها، كذلك غياب الرقابة وشح السيولة النقدية بالمصارف وجشع التجار وارتفاع سعر النقد الأجنبي وأزمة الفيضانات التي اجتاحت مدن الجبل الأخضر العام الماضي وتسببت في تدمير كامل لقطاع الثروة الحيوانية.

أضاحي المدعومة من الحكومة

وللحد من الأزمة أعلنت الحكومة الليبية برئاسة الدكتور أسامة حماد، عن طرح “أضاحي العيد” بأسعار مخفضة ومدعومة بقيمة 950 ديناراً للأُضحية، وذلك في منافذ التوزيع المحدد في المرحلة الأولى، بمنطقة الصابري، بمدينة بنغازي ضمن مبادرة توفير الأضاحي المدعومة للمواطنين الكرام للتخفيف من أعباء غلاء الأسعار. وتهدف المبادرة الحكومة إلى إيصال الأضاحي إلى أكبر عدد من المواطنين بأسعار مخفضة

من جهته قال المواطن خالد الورشفانى إن عدم قدرة الحكومة على توفير الأعلاف ولجوء التجار إلى شرائها من السوق السوداء، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الأراضي التي تقام عليها الحظائر وعدم توفير الأدوية وتهريب المواشي لدول الجوار، جميعها أسباب أدت إلى ارتفاع أسعار الأضاحي.
وأضاف الورشفاني أن الأسباب سالفة الذكر جعلت المواطن ضحية الأسعار المرتفعة واستغلال التجار، مطالبًا شركة المواشي بتسهيل هذه الأعباء على المواطنين.

خضوع الأسعار للعرض والطلب

وأرجع المواطن “امجاور اغريبيل”، غلاء الأسعار إلى خضوعها للقاعدة الاقتصادية التي تقول “كلما قل العرض زاد الطلب وكلما زاد الطلب زاد السعر”، مشيرًا إلى أن ما يحدث بخصوص ارتفاع أسعار الأضاحي يخضع لقواعد أخرى لا علاقة لها بعلم الاقتصاد، بل هي خليط من جشع التجار وانعدام الرقابة على الأسعار وكذلك غياب الوعي لدى المواطن.
وأشار “اغريبيل” إلى أن ارتفاع أسعار الأغنام في ليبيا يتزامن دائمًا مع المواسم والأعياد والمناسبات الوطنية، حيث ترتفع أسعار السلع والخضراوات واللحوم في رمضان، نتيجة لزيادة طلب المواطن عليها، وكذلك الأضاحي نتيجة تزاحم المواطنين على أسواق “السعي” مما يغري الموالة أو السماسرة ويزيد في شهيتهم لرفع أسعارها بصورة خيالية.

وقال إن غياب الرقابة الفاعلة على الأسعار، وغياب الوعي لدى المواطن، الذي لا يريد أن يعي أن رمضان هو شهر للصيام وليس للأكل وأن ذبح الأضاحي في العيد من السنة وليس فرضًا ويسقط عن الفقير والمحتاج، لذلك من الصعب إيجاد حل لمشكلة الأسعار طالما استمر غياب الوعي لدى المواطن.
وبالنسبة لشح السيولة وتأثيرها على أسعار الأضاحي، أكد “اغريبيل” أن ذلك يجب أن يساهم في خفض الأسعار، لكن ما يحدث في ليبيا لا يسير وفق أي منطق، أما ارتفاع سعر الدولار فهو نتيجة وليس سببًا، فتكالب الليبيين على تخزين كل شيء وعدم الاكتفاء بالضروريات، ساهم في زيادة الطلب على الدولار وهذه الزيادة في الطلب ساهمت في زيادة السعر أيضًا، معتبرًا أن الفوضى التي تشهدها ليبيا سبب في كل ما يحدث.

عدم توافر الأعلاف

وقال المواطن مصطفى الشيخي إن سبب ارتفاع أسعار الأضاحي، يعود إلى ارتفاع مستوى المعيشة، حيث يواجه صاحب الأغنام ظروفًا صعبة في شراء الأعلاف وارتفاع أسعارها وعدم توافرها، كذلك الأدوية التي يستخدمها في تحصين أغنامه وارتفاع مرتبات الرعاة، ولا يخفى على الجميع تعذر الحصول على السيولة من المصارف ولفترات طويلة.

وأضاف الشيخي أن مشكلة الدولار دون شك ضمن الأسباب الأساسية لارتفاع مستوى المعيشة، بمعنى آخر زاد سعر عرض السلعة وتدنى الطلب فأدى إلى رفع الممول لأسعاره لتعويض ما يمكن تعويضه من خسائر، وطالما لم يتم الاستيراد من الخارج، فستظل الأسعار في اضطراب، ولن يتمكن المواطن البسيط من فرحة العيد.

واستبعد المواطن خالد المجبري أن يكون نقص الأعلاف ضمن أسباب ارتفاع أسعار الأضاحي، مرجعًا السبب إلى تفشي مرض الحمى القلاعية الفترة الماضية، والفيضانات التي اجتاحت مدن الجبل الأخضر التي بدورها أدت إلى نفوق عدد هائل من رؤوس الأغنام مما اضطر المربين والتجار إلى رفع الأسعار دون النظر إلى الحالة الاقتصادية للبلاد ونقص السيولة التي لم ترد إلى المصارف من شهر نوفمبر 2023.

الأضحية من السنة

وقال أسامة الشيخي إن الأضحية سنة لمن استطاع، وقد ضحى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عن أمته، مضيفًا هناك ارتفاع في الأسعار لكن هناك أيضًا مجهودات تبذل للتقليل من الأزمة من قبل القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية، التي توفر الأضاحي بسعر مقبول للجميع، وكذلك الحكومة الليبية ممثلة في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية التي تسعى في كل عيد إلى توفير الأضاحي للأسرة المحتاجة، ولا ننسى جهاز طارق بن زيادة دائمًا في طليعة الداعمين من أبناء الوطن في كل سنة نرى ونشاهد أعمال الخير يقدمونها ووجود بعض الوزارات والمصارف الداعمة والتي تبيع الأغنام بالتقسيط.

من جهته يقول حسين القلال إن غلاء أسعار الأضاحي أصبح أمرًا اعتاد عليه الشعب الليبي بصفة عامة، وذلك بسبب عدم وجود رقابة على التجار، الأمر الذي جعلهم يتجبرون على الموطن البسيط الذي لا يكاد يخرج من مناسبة حتى يقع بمناسبة أخرى، لذا نقول إن الضحية سنة وليست فرضًا، ولا يكلف الله نفسًا لا وسعها.

بينما يرى المواطن خالد العبيدي أن ارتفاع الأسعار يرجع إلى غياب السيولة واستخدام الخدمات المصرفية، وهنا يضع التجار شروطهم على المواطن من خلال النسبة التي تضيق على حال المواطن، وكذلك الأعلاف والشعير أيضًا بسبب عدم توافرها وشراء التجار لها من سوق السوداء أيضًا سبب كبير في غلاء الأسعار.

الأزمة سببها السوق السودة

وقال وليد الساحلي إن غلاء الأسعار ليس له علاقة بالدولار السبب الأساسي هو عدم توفر الأعلاف وشراء التجار أيضًا الأعلاف من سوق السوداء يؤثر بطبيعة الحال على التجار، فيتم رفع السعر ويقع المواطن ضحية بين التجار وغياب السيولة.

وأكد صبري العبيدي أن عدم وضع ضوابط من الدولة للتسعيرة رغم انتشار مرض الحمى القلاعية الفترة السابقة وعدم وجود نشرات توضيحية سواء أكان من الحرس البلدي أم الرقابة على الأغذية والأدوية عن مدى انتشار المرض أو الحد منه إلا أن ارتفاع أسعار اللحوم خصوصًا في شهر رمضان كان مؤشرًا على أن أسعار الأضاحي سوف تكون فلكية هذا العام، وأيضًا لا ننسى إعصار دانيال الذي تسبب في هلاك الكثير من المواشي.

وأضاف أن الدولة قامت باستيراد اللحوم، وهذا ساهم نسبيًّا في توفير اللحوم، ولكن لم يؤثر في انخفاض أسعارها لدى القصابين وتجار المواشي يتحججون بارتفاع أسعار الأعلاف، رغم أننا نسمع بين الحين والآخر أن الدولة تستورد الأعلاف وتوزعها من خلال الجمعيات الفلاحية.

من جهته قال رمضان عاشور إن هناك عدة عوامل تؤدي إلى ارتفاع أسعار الأضاحي هذا العام، من بينها نقص السيولة المتاحة لدى البعض، خاصة أصحاب المعاشات الضمانية، وهذا يعتبر عاملًا رئيسًا في صعوبة تحمل تكاليف الأضحية التي قد تصل إلى 2000 دينار أو أكثر، وهذا الأمر يشكل ضغطًا على الأسر ذات الدخل المحدود.

سعر الصرف

والسبب الثاني بحسب “عاشور” نقص الدعم الحكومي لاستيراد الأعلاف وتوفيرها للمربين بأسعار مناسبة ما أدى إلى ارتفاع تكلفة تربية الحيوانات، وبالتالي زيادة أسعار بيعها في السوق، كذلك تقلبات سعر الصرف والتذبذب في أسعار صرف الدينار الليبي مقابل العملات الأجنبية، خاصة الدولار الأمريكي، له تأثير مباشر على تكلفة استيراد الحيوانات وبالتالي على الأسعار النهائية، ضمن أسباب ارتفاع الأسعار.

وأكد عاشور أن دور الوسطاء والتجار يؤدي أيضًا إلى رفع الأسعار بشكل مبالغ فيه، مما يثقل كاهل المستهلك النهائي، ربما يكون من الحلول المقترحة تعزيز دور المؤسسات الحكومية في الرقابة والتنظيم لمنع هذه الممارسات، وهذا سبب آخر.

وكذلك أكد محمد السليني أن السبب الرئيس هو ارتفاع سعر الدولار مما زاد في ارتفاع أسعار الأضاحي، مما أعطى فرصة كبيرة لتجار المواشي بالمبالغة في سعر الأضاحي الوطنية، كذلك عدم توافر السيولة، مضيفا أن سعر الأضحية تجاوز 3 آلاف دينار.
وتوقع فرج نجم، أن شريحة كبيرة من الليبيين لن تستطيع شراء أضحية هذا العام نتيجة الارتفاع المبالغ فيه في الأسعار مقارنة بالعام الماضي.

سعر الأضحية وصل 3 آلاف دينار

وأجرى مراسل “الموقف الليبي” في براك الشاطئ جولة ميدانية استطلع خلالها سبب ارتفاع أسعار الأضاحي، حيث التقى بعض مربي الأغنام في وادي الشاطئ و”برقن” التي وصل فيها سعر الأضحية إلى 3 آلاف دينار أي ما يعادل 400 دولار بسعر الصرف الحالي، والذي بدوره قال إن جميع السلع في البلدية مرتفعة السعر، ولا يوجد استقرار اقتصادي، والتاجر يسعى إلى الربح واستعادة رأس ماله.

وفي “سوق السعي” الممتد من محلة العافية إلى “مفرق الزوية” ببلدية براك الشاطئ، الأسعار لا تختلف كثيرًا، وما يجمع التجار في كامل وادي الشاطئ في مجال الأغنام أن البيع لا يتم عن طريق الميزان، بل التسعيرة تكون عن طريق العمر وفارق السن بين السلع المعروضة.

وفي المتاجر والمحلات أكد أحد مربي الأغنام أن الحال لا يختلف كثيرًا فجميع المتطلبات التي يقصدها المواطن تشهد ارتفاعًا في السعر، حيث يعاني المواطن الذي يتقاضى راتبًا بنحو 1400 دينار كل شهر من عدم قدرته على توفير احتياجات أسرته وبالتالي لن يستطيع توفير ثمن الأضحية وإحياء شعائره الدينية مما يفسد فرحة العيد.

وأفاد مراسل “الموقف الليبي” بأن صندوق موازنة الأسعار لا وجود له على الساحة من كل الجوانب، سواء بوضع التسعيرة المناسبة، أم بمتابعة وإيقاف كل المتجاوزين والمبالغين في أسعار الطرح لسلعتهم في السوق الليبي.

استغلال توقيت العيد

وقالت مراسلة الموقف الليبي في مدينة بنغازي إن أسباب ارتفاع أسعار المواشي تعود إلى عدة عوامل، منها الطلب الزائد على الحيوانات في هذا التوقيت من كل عام، حيث يسعى المواطنون إلى شراء أضاحيهم المقدرة لهذا العيد، فيما تسعى المزارع والتجار إلى استغلال هذا الطلب الزائد من خلال رفع أسعار المواشي.

كذلك ضمن أسباب ارتفاع الأسعار، تكاليف الإنتاج والتغذية للمواشي، وزيادة تكاليف النقل والتوزيع، كما تلعب التغيرات في سوق العملات والعوامل الجوية دورًا في تحديد أسعار المواشي.

من ناحية أخرى، يواجه المستهلكون تحديات كبيرة نتيجة لهذا الارتفاع في أسعار المواشي، حيث تصبح عملية الشراء صعبة، مما يضطر المواطن إلى التوجه إلى سوق الأضاحي المشتركة أو شراء أضاحٍ مستوردة بأسعار أقل أو عدم الشراء، مما يؤدي إلى تقليل دور المزارعين المحليين.

وأظهرت جولة صحيفة “الموقف الليبي” في الأسواق بمدينة بنغازي، تراوح الأسعار ما بين بين 1400 و3000 دينار للأضحية الواحدة، مما أدى إلى تراجع كبير في عملية الشراء من قِبل المواطنين غير القادرين على الشراء.

زر الذهاب إلى الأعلى