مقالات الرأي

تدمير السودان وتفريغه من أهله!!

بقلم/ ناصر سعيد

مر أكثر من عام على اندلاع الحرب في السودان، ولا أحد يعرف تفاصيل وأهداف هذا الاقتتال السوداني وأبعاده وأدواته ودور أطرافه الإقليمية، إلا أن ما جرى ويجري على الأرض السودانية يعكس حجم المآسي التي يتعرض لها الشعب السوداني من قتل ونزوح وتهجير ومجاعة، رغم غياب الكثير من التفاصيل لعدم وجود إعلام محايد ومستقل، فكلا طرفي الحرب يستهدف تشتيت الرأي العام عبر إشاعة الأخبار المضللة، في حين تزهق أرواح آلاف الأبرياء ناهيك عن الجرحى والدمار في الممتلكات.

تستمر المعارك الطاحنة والمواجهات العنيفة وتحتدم وتحدث الخسائر دون هدف غير الصراع على كرسي حكم لدولة فاشلة خانعة لأطراف أجنبية، وبالنهاية الشعب السوداني يدفع الثمن الباهظ الذي قد يكلفه تقسيم البلد إلى كانتونات قبلية وإثنية تدوم فيها الصراعات والخلافات إلى ما لا نهاية.

في المقابل فإن وسائل الإعلام العربية والدولية تدير ظهرها للسودان لانشغالها بالعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، التي هي في الحقيقة مواجهة روسية مع دول الناتو وأمريكا، إضافة إلى عدوان الكيان الصهيوني على قطاع غزة، وما قد ينجم من كوارث وأخطار ستشعل منطقة الشرق الأوسط، خاصة بعد حدوث المواجهة المباشرة بين إيران والكيان الصهيوني، وتكثيف الاعتداءات الصهيونية على جنوب لبنان والغارات الصاروخية المتكررة على سوريا والاستفزازات المستجدة على الحدود المصرية عبر معبر رفح.

عود على بدء، ففي السودان تشير التقارير الصادرة عن منظمات الأمم المتحدة وخاصة مفوضية اللاجئين والإغاثة وحقوق الإنسان، إلى سقوط أكثر من 16.000 قتيل، وإجبار أكثر من ثمانية ملايين سوداني على النزوح تاركين بيوتهم هربا من الموت، ناهيك عن التوقف التام لحركة العمل والإنتاج وتوقف العملية التعليمية بإقفال المدارس والجامعات والنقص الشديد في الأدوية والمعدات الطبية ونفاد مخزون الطعام وتلوث جزئي وخطير في مياه الشرب، وقد أضحت العاصمة الخرطوم مدينة مدمرة وغيرها من المدن، والذين فروا خارج البلاد قطعوا الصحراء في رحلة محفوفة بالمخاطر، ويعيش أغلبهم في أوضاع إنسانية صعبة في مخيمات بدولة تشاد، وغيرهم من غادر إلى دول الجوار منها مصر وليبيا، وحسب تصريحات مدير مستشفى الكفرة التعليمي في ليبيا، تم تسجيل حالات كثيرة من بين اللاجئين مصابة بأمراض مثل فيروس نقص المناعة الإيدز ومرض الدرن والملاريا وفيروس الكبد دون تلقي الجهات الصحية بالمدينة الدعم من أي جهة دولية تتعلق بشؤون اللاجئين.

وكما أن هناك متضررين، هناك أيضا مستفيدون من هذه الحرب الأهلية محليًّا ودوليًّا، فالأطراف الدولية تتربص لتحقيق مصالح ونفوذ وموطئ قدم بالقارة وثرواتها، ولهذا ليس من مصلحتهم توقف الاقتتال مهما كان حجم الضحايا، وللأسف أمراء الحرب مستمرون في المكابرة والعناد برفض التفاوض وإيقاف الحرب، وكلا طرفي الصراع السياسي السوداني يزعم أنه من سيحقق النصر!! أي نصر هذا؟ وما جدواه؟ في حين السودان يدمر أكثر فأكثر، والشعب يدفع الثمن الباهظ والمؤلم كل دقيقة.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى