قمة “شاهد ما شافش حاجة”
بقلم/ ناصر سعيد
تأسست جامعة الدول العربية عام 1945، وعقدت أول اجتماع قمة في مايو عام 1946 عرفت بـ “قمة أنشاص” الطارئة، بمدينة الإسكندرية المصرية، لمناصرة القضية الفلسطينية، وخرجت بقرارات مؤكدة عروبة فلسطين، وأن ما يصيب أهلها يصيب شعوب الأمة العربية قاطبة. وهكذا على مر “سبعة عقود” والقمم العربية تؤكد على مظلومية الشعب الفلسطيني وضرورة استعادة الشعب الفلسطيني حقوقه الوطنية المشروعة، وتدعو إلى الانسحاب الإسرائيلي من جميع الأراضي العربية المحتلة بما فيها القدس، وإلى تعزيز القدرات الدفاعية العربية، وتجدد وحدة الصف العربي.
غير أنه في المقابل ظل البيت العربي وما زال يشهد انقسامات وخلافات نتيجة مواقف الحكومات الرجعية العربية المعادية لمشروعات الوحدة العربية وقومية المعركة ومناهضة الإمبريالية والهيمنة والاستعمار، ووصل الحال بالحكومات الرجعية إلى حد التآمر على زعماء الأمة العربية وأبطالها التاريخيين الذين تحدوا أعداء الأمة العربية، ووقفوا في وجه مخططات الحكام الرجعيين المرتبطين بالاستعمار والصهيونية.
كان لا بد من هذه المقدمة للحديث اليوم عن قمم حكام الدول العربية في العشرية الأخيرة وما شهدته الأمة العربية من مآسٍ نتيجة الخذلان العربي الرسمي والتواطؤ مع الغرب والتآمر معه ضد الأنظمة العربية الوطنية لحد مساعدته ودعمه في تدمير الدول العربية التقدمية، ويحسب ويسجل عليها ما صنعته بالعراق وسوريا وليبيا واليمن من عاصفة الصحراء إلى عاصفة الحزم إلى إحالة ملف ليبيا إلى مجلس الأمن الدولي وشرعنة العدوان العسكري الناتوي على ليبيا وتجميد عضوية سوريا بمجلس جامعة الدول العربية وإرسال المرتزقة ودعم مخطط تفتيت سوريا بالمال والسلاح.
ها قد انعقدت القمة العربية (33) في البحرين بعد (7) أشهر من العدوان الصهيوني على غزة وارتقاء أكثر من (35 ألف شهيد وأكثر من 80 ألفا بين جريح ومفقود)، مع ذلك فشل الحكام العرب في استثمار الضغوط الدولية الرسمية والشعبية المتزايدة ضد جرائم الاحتلال الإسرائيلي، وعجز الحكام العرب عن اتخاذ إجراءات حازمة في مواجهة ما يتعرض له قطاع غزة من عدوان إسرائيلي أمريكي غير مسبوق لا يزال مستمرا رغم الأوضاع المتدهورة على مختلف الأصعدة في القطاع.
وأصدرت القمة (33) بيانا يعكس حالة العجز والفشل في صورة ظاهرة كلامية، لم يرتق لحجم التضحيات ولا لمستوى بيانات وتنديدات طلاب الجامعات العالمية، وكأني بالحاضرين للقمة هم قادة الكيان الإسرائيلي وأمريكا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وليس أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والمعالي والسعادة العرب.
لقد كانت كلمة الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو غوتيريش” أكثر قوة وحماسة وصدق وانحيازا للحق الفلسطيني من كلمات الحكام العرب الذين لم يستطيعوا حتى بالكلام اعتبار ما جرى ويجري في غزة عدوانا وإبادة جماعية وأعمالا وحشية إسرائيلية، بل كان صوت المظاهرات والاحتجاجات في مدن العالم وفي الجامعات الأوروبية والأمريكية أقوى تأثيرا وأكثر فاعلية، وأصبحت بذلك القضية الفلسطينية قضية رأي عام عالمي تناصرها الشعوب من كل حدب وصوب.
خلاصة القول، أثبتت مسيرة أكثر من سبعة عقود أن الأولوية اليوم هي إطلاق حركة تحرر عربي لتحرير الإرادة العربية وتمكين الشعب العربي من تقرير مصيره، أما بناء آمال على لقاءات قمم حكام الدول العربية فليس سوى تسويق للوهم.
رسالتنا لشباب الأمة العربية، انهضوا لتحرير وترميم صرح الأمة المنهار وبناء جسور العبور إلى غد مشرق بعقولكم وأيديكم فقد تفتكون الأمة التي تنهشها الوحوش المفترسة، وتنقذونها من الفوضى والعبث.
المجد والخلود لقادة التحرر العربي الذين قدموا أرواحهم فداء للوطن الكبير الذين كافحوا بصبر وماتوا بشرف، وتركوا لنا منهجا في المقاومة وأضاءوا لنا طريق الخلاص.