“الموقف الليبي” في حوار خاص مع آمر غرفة عمليات المنطقة الجنوبية اللواء مبروك سحبان
حوار ـ عفاف الفرجاني
شهدت المنطقة الجنوبية لفترة طويلة، ظروفا أمنية صعبة تمثلت في الانفلات الأمني، ورزحت تحت وطأة النزاعات الأهلية، ونقص الخدمات الأساسية، وتفشّي التهريب، وانقسام المؤسسات أو انهيارها، ومرت بأزمة وقود خانقة؛ نتيجة سيطرة الميليشيات على عدد من الطرق الرابطة بين الجنوب وباقي البلاد، وتهديد شاحنات الوقود وسرقتها في أغلب الأحيان وتهريبها للخارج، كما كثرت حالات خطف المسافرين والاعتداء عليهم.
وبفضل القيادة الحكيمة للقوات المسلحة العربية الليبية، نجحت الوحدات العسكرية والأجهزة الأمنية التابعة لها في فرض الأمن والقضاء على بؤر الهجرة غير الشرعية، التي كانت تعد “مورداً” رئيساً للمقاتلين في التنظيمات الإرهابية.
حيث أطلقت القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية، في يناير 2019، عملية عسكرية واسعة جنوبي البلاد كان هدفها تطهير الجنوب بالكامل من الجماعات الإرهابية المسلحة، بما في ذلك عناصر تنظيم “الدولة الإسلامية” المتطرف، والعصابات الإجرامية، وتأمين السكان من تلك الجماعات والمحافظة على وحدة وسلامة التراب الليبي، وتأمين شركات النفط والكهرباء العاملة والمشاريع الزراعية بالمنطقة، وإيصال الخدمات الضرورية للمواطنين وإيقاف الهجرة غير الشرعية.
ولاقت العملية دعماً شعبياً من القبائل والأعيان في الجنوب؛ للتخلص من مظاهر الفوضى والانفلات الأمني والعديد من الأزمات التي ضربت قلب الجنوب الغني بالثروات.
وجاء الإعلان عن هذه العملية، بعد هجمات شنّتها الجماعات التشادية والسودانية على مواقع وتمركزات تابعة للجيش جنوب البلاد، وتوسع ميداني لتنظيم داعش الإرهابي في المنطقة، التي تمثل ثلث مساحة البلاد، وتضم أغلب الحقول النفطية فيها.
فالحدود التي تمتد على طول 4389 كيلومترا وتتقاسمها ليبيا من الجنوب مع السودان وتشاد والنيجر، أضحت هاجسا أمنيا ومعبرا مفتوحا للجماعات الإرهابية والعصابات الإجرامية، لتشكل عائقا أمام استعادة الأمن وتوجيه التنمية في مناطق الجنوب.
واستهدفت العملية العسكرية الجماعات المتحالفة والمنبثقة عن “داعش” والقاعدة، ومنها أنصار الشريعة وكتائب بوسليم ومجلس شورى درنة وكتائب بنغازي، إضافة إلى جماعات التمرد التشادية التي أقامت لها قواعد عديدة في سبها وحولها، وفي المناطق الحدودية، واستفاد من وجودها المهربون والعصابات الإجرامية أيضا.
وفي 21 أغسطس 2023، اجتمع آمر قوة عمليات الجنوب اللواء مبروك سحبان مع آمري المناطق والوحدات العسكرية والأجهزة الأمنية، للبدء في تنفيذ المرحلة الثانية من خطة تأمين الجنوب الغربي وتحديد الواجبات والمهام وتنسيق خطة التعاون بين جميع الوحدات العسكرية في الجنوب الغربي وصون الأمن وفرض إنفاذ القانون وحماية الحدود الليبية مع دول الجوار وخاصة التي تشهد صراعات وأزمات أمنية وعسكرية.
وفي 25 أغسطس. 2023، أطلقت القيادة العامة عملية عسكرية محددة الأهداف لتأمين الحدود الجنوبية، من العصابات المسلحة وضبط الأمن ومكافحة الهجرة.
وأعلن المتحدث الرسمي باسم القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية اللواء أحمد المسماري في تصريحات صحفية أن عمليات الجيش الليبي لا تستهدف أي مكون ليبي، إنما تستهدف الوجود الأجنبي وتطهير الجنوب من كافة العصابات الأجنبية والتهديدات الأمنية.
ولمعرفة بعض التفاصيل، التقت صحيفة “الموقف الليبي” آمر غرفة عمليات الجنوب اللواء مبروك سحبان وأجرت معه اللقاء التالي:
- ما أبرز المكاسب التي تحققت بفضل دور القوات المسلحة في حفظ الأمن والاستقرار بالمنطقة الجنوبية؟
أبرز المكاسب التي تحققت بفضل دور القوات المسلحة هي الاستقرار والأمن وعودة الناس الى ممارسة حياتهم بشكل اعتيادي في كل الأوقات وكذلك عودة أجهزة الداخلية ورجال القضاء إلى ممارسة أعمالهم وخلق الأرضية المناسبة للمصالحة وعودة كثير من الشركات، وشهدت السياحة الصحراوية نشاطا كبيرا خاصة من السياح الأجانب والشركات السياحية.
- كيف ترى تعاون المواطنين؟ هل كان لهم دور إيجابي في هذا الشأن؟
للمواطنين دور إيجابي في مساعدة القوات المسلحة في فرض الأمن والحد من الجريمة وتحقيق الاستقرار، حيث وجدنا تعاون الجميع على كل المستويات الاجتماعية أفرادا وجماعات، وكان للشيوخ والأعيان الدور المميز في هذا الشأن.
- ما أبرز التحديات التي واجهت مهمةً القوات المسلحة في المنطقة الجنوبية؟
أبرز التحديات وجود الجماعات الإرهابية والهجرة غير الشرعية بأعداد كبيرة، وكذلك وجود بعض المليشيات التي تمارس الجريمة وتحمي المجرمين، وتم إنهاء وجودها وفقا للخطة التي تم وضعها بالخصوص.
- تمثل قضية تهريب وإخفاء المحروقات إشكالية كبرى وأخذت جهدا كبيرا للسيطرة على هذا الملف.. فهل يمكن أن نقول إن هذه الظاهرة ستختفي أم أنه لا يزال هناك خروقات تتوقعون معها رجوعها للسطح من جديد؟
القوات المسلحة تبذل جهدا كبيرا في هذا الشأن من الإشراف على تزويد المحطات إلى الإشراف عليها إلى عمل حملات تفتيش ودوريات باتجاه طرق التهريب المتعددة، ولكن لا يمكن القضاء على التهريب وخاصة الوقود إلا إذا اتخذت السلطات المختصة إجراءات تجعل سعر الوقود غير قابل للتهريب لأن الوقود تجارة مربحة لشبكات المهربين التي تبدأ من مصدر التزود إلى وسائل النقل في الداخل إلى مواقع الاستقبال في الدول المجاورة.
- تشكل المصالحة أهم المرتكزات التي يقوم عليها عامل الاستقرار والتنمية، ما الدور الذي تساهم به القوات المسلحة وغرفة عمليات الجنوب في هذا الاستحقاق الوطني الهام؟
القوات المسلحة وقوة عمليات الجنوب أوجدتا المناخ المناسب لعودة كثير من المهجرين خاصة في مرزق وكذلك الوئام بين كثير من الأطراف التي كانت تقاطع بعضها البعض نتيجة الاشتباكات التي حصلت بينها. - نلاحظ العديد من المشروعات التنموية وأعمال صيانة لكثير من المرافق الحيوية تتولى القوات المسلحة والقيادة العامة الإشراف عليها من خلال بعض الأجهزة التابعة لها، هل تحدثنا عن هذه الأعمال والمشروعات القائم منها والمستهدف في المستقبل؟
القوات المسلحة رغم إمكانياتها المحدودة قامت بتنفيذ بعض مشروعات التنمية كالطرق وصيانة بعض المستشفيات والمدارس وحفر آبار المياه وإصلاح بعض شبكات الصرف الصحي وصيانة بعض الساحات الرياضية. وهي مستمرة في إيجاد الظروف المناسبة لاستكمال المشاريع السكنية المتوقفة بالتنسيق والتعاون مع جهاز إعمار ليبيا.
- تابعنا خلال الأيام الماضية مشروع المصالحة الذي تم بمدينة مرزق بحضور رئيس الحكومة الليبية والذي كان للقوات المسلحة جهد كبير في التهيئة له بعد موجة النزوح والتهجير التي طالت المنطقة خلال عشر السنوات الماضية بسبب سيطرة بعض الميليشيات غير الليبية على المدينة، ومع عودة الأمان للمنطقة الجنوبية وتوطين بعض المشروعات التنموية بها.. ما خطة القوات المسلحة في التشجيع ومساعدة الأهالي على العودة إلى مدينتهم؟
القوات المسلحة هي أول من تبنى المصالحة في مرزق وعودة المهجرين من سنة 2022 ووفرت لهم بعض الخدمات ومكنت من عاد منهم من الالتحاق بأعمالهم في الإدارات المتعددة، وتم التنسيق مع النائب العام، حيث أرسل لجنة قضائية لحصر الأضرار وتدوينها في محاضر رسمية، ثم أرسل لجنة لفحص السجل المدني في مرزق لحصر التغييرات التي تمت بعد سنة 2010، هذا تم برعاية وتأمين القوات المسلحة، أما بخصوص زيارة رئيس الحكومة الليبية ورئيس جهاز إعمار ليبيا إلى مرزق فستساعد على عودة كثير من العائلات إذا انطلقت عملية الصيانة للمساكن المتضررة وخدمة شبكات المياه والصرف الصحي والكهرباء، وبالتالي الزيارة لها أهمية كبيرة لإنجاز المصالحة بين الطرفين المتخاصمين.