مقالات الرأي

مخالب الجوار!!

بقلم/ ناصر سعيد

العرب في كماشة أربع قوى رئيسية لتقاسم النفوذ فيما بينها: هي الغرب وإسرائيل وتركيا وإيران.

الفراغ الذي يشكله غياب منظومة عربية واحدة للدفاع عن مصالحها يجعل كل دولة من تلك الدول تحاول أن تحصل على أكبر قدر ممكن من الكعكة العربية اللذيذة.

وبعيدا عن العواطف والأيدولوجيات هناك بعض الاختلافات المهمة بين تلك الدول التي بناء عليها ممكن أن تتخذ القرارات المناسبة للتعاطي مع كل دولة وفق تلك الخصوصية.

إيران وتركيا هما جارتا العرب، وهذا معطى جغرافي لا يمكن نفيه أو تجاهله، وكذلك هناك رابط ديني بينها وبين العرب، ولكن هذا لا يبرر أبدا أن يكون مصوغه للهيمنة على العرب، وكما فعل العثمانيون سابقا، ولكن في النهاية بقي الشامي شاميا والبغدادي بغداديا، فبعد قرون من السيطرة باسم الدين عادت تركيا لحدودها القومية التاريخية لها وسلمت المنطقة العربية لغيرها مِن المستعمرين، وفى بلاد فارس لم تتحقق أحلام كسرى لضم العرب لظل سلطانه، كما أن الإسلام الذي بدأ من مكة وصل إلى كل أصقاع بلاد فارس وما حولها لم يُعرِّب الفرس وظل الفرس مسلمين.

إذًا ليس بوسع أحد أن يهضم الآخر ويبقى المعطى الجغرافي يحتم ضرورة إيجاد لغة لتبادل المصالح المشتركة ويفرض ضرورة تقديم بعض التنازلات من كلا الطرفين خدمة لمصلحة شعوبهما، وعطفا على الأوضاع الجيوسياسية بالمنطقة علينا أن نفرز الأحداث التي تصدر من كل من تركيا وإيران ونستثمر ما هو إيجابي ويمكن أن يخدمنا ويتسق مع أهدافنا ومصالحنا، وعليه أجد نفسي في حيرة في عدد من الأمور فيما يخص هذا الصراع منها: لماذا العرب يقاطعون إيران بحجة تدخلها بالمنطقة العربية؟ في حين هم في شراكة غير متوازنة مع الغرب الذي يقدم كل أدوات الموت لقتل الفلسطينيين لأكثر من خمسة وسبعين عاما!!، بل يمنحون الغرب القواعد العسكرية ويدعمونه بكل مصادر الطاقة، وكذلك يفعلون مع تركيا التي هدمت عواصم ومدنا عربية خلال الثلاث عشرة سنة الماضية!!

إيران شريرة وشيطان “لنفرض ذلك” لكن دعمها لغزة مكن الفلسطينيين من إلحاق هزيمة تاريخية للمشروع الصهيوني الذى تعود جذوره إلى أساطير عمرها آلاف السنين، هذا نصر عجزنا نحن العرب عن تحقيقه وأنجزه دعم إيران لبعض الفصائل الفلسطينية وإن كان هذا الدعم في إطار محاولة إيران إثبات وجودها في معادلة صراع المصالح الأجنبية بالمنطقة العربية، وإنه لمن العار على العرب أن يصطفوا مع الغرب ضد إيران خدمة لمصالح الغرب، أليس من المخجل أن تطلب من إيران أن تتوقف عن التدخل في شؤونك وأنت محاط بقواعد جاءت من وراء المحيطات والبحار؟ أليس من العار أن يعترض عربي جسما طائرا أرسله فارسي ليضرب من يحرق في غزة بذريعة السيادة الوطنية في بلد به أكثر من خمس قواعد غربية؟

إنه لمن المؤسف أن نكرر خديعة الجهاد في أفغانستان، يوم غادر عبد الله العزام غزة المغتصبة من الصهاينة ليحرر كابل من السوفييت نيابة عن أمريكا.

ستبقى إيران جارة العرب إلى يوم القيامة، ولن تتمكن من مسخ العرب ليصبحوا فرسا حتى ولو ملكت سلاحا نوويا، وسيبقى الغرب عدوا للعرب إلى يوم القيامة، وبين هذا وذاك علينا أن نعرف أين مصلحة شعوبنا ونتخلى عن الوكيل للدول المستعمرة للحفاظ على مصالحها والتضحية بمصالح بلادنا والدول المجاورة لها والتي نرتبط معها دينيا أو جغرافيا أو تاريخيا بعلاقة يسودها الاحترام والتقدير والمنافع المتبادلة والبعد عن التعالي والغطرسة والاستعلاء.

زر الذهاب إلى الأعلى