بين الغنى والفقر.. بعثة أممية
بقلم/ عفاف الفرجاني
لا يختلف المبعوث الأممي السنغالي الأصل عن سابقيه من المبعوثين الأمميين في ليبيا، بل يوصف بأنه الأضعف والأقل حنكة بينهم، بالإضافة إلى تهم أخرى لم تلصق بزملائه قبله.
باتيلي يخيل إليك لوهلة أنه مبعوث نوايا حسنة أو ضيف شرف لإحدى المنظمات الإنسانية في بلد مستقر أمنيا وسياسيا، عمله لا يتعدى الكلام والكلام، والزيارات وتصوير الأكل.
باتيلي لم يعمل شيئا إلا أنه ضرب البعض بالبعض، ويثني على الكل مقابل الكل، يضفي الشرعية على جميع الأجسام متصدرة المشهد، لم يغضب أحدا منهم، باتيلي برر استقالته بتعنت السياسيين الليبيين وعدم رغبتهم في التوصل إلى حل للأزمة في بلادهم، باتيلي الذي شاهد وعايش الخطف والسرقة والرشوة وارتهان البلد واضطهاد المرأة لم يقدم في يوم إحاطة فعلية وحقيقية لوطن يدمر أمامه!!
فهو لا يختلف عن سابقيه من المبعوثين، فهم يأتون لتدويل الأزمة واستمرار الفوضى، ولا بأس من بعض الاجتهادات الشخصية لصالح أرصدتهم الخاصة، فقبله كان يان كوبيش الذي قام بتقديم استقالته هو أيضا بصورة مفاجئة بعد أن (أدخل ليبيا الحائط) وقبله غسان سلامة الذي شتم كل قادتها حال مغادرته وغيره وغيره.
اليوم وبعد أن قارب الوضع في العاصمة طرابلس على الانفجار بعد رصد أرتال مسلحة تدخل العاصمة منذ أيام تحسبا لمعارك كسر عظم بين الميليشيات المسلحة لم يبق أمام المبعوث المهزوم إلا الخروج المبرمج.
حتى أنه تجاهل جهود لجنة 6+6 التي حققت نجاحا نسبيا من التوافق، أيضا لم يدعم المبادرات المحلية المبذولة من أجل تشكيل حكومة جديدة واستبعاد الحكومة المغتصبة للسلطة، التي أرهقت الليبيين وغذت الانقسامات.
ترك المبعوث كل الاستحقاقات السياسية ليعود بنا إلى المربع الأول الذي أخذ من الأجسام السياسية مأخذا وهو قانون الانتخابات الذي تم التوافق عليها، ولا يحتاج إلى باتيلي ليعيد طرحه، ليزيد الوضع تشظيا، قام باتيلي بلقاء رئيس الحكومة الليبية أسامة حماد، وأثنى على جهوده بالرغم من اعترافه الضمني بالدبيبة، إلا أنه استبعد حماد من الدعوة لحضور الحوار الخماسي المزمع عقده سابقا، لا تعرف هذا الرجل مع من؟ ومن أجل من يعمل؟ وهل هو يعمل أم لا؟ شخصية هلامية صعبة التقييم وصفت فترته بفترة التخبط والانحياز وتهميش أطراف على حساب أطراف أخرى، كل هذا جعل عبدالله السنغالي يواجه انتقادات محلية ودولية ومن بينها تهميش الأحزاب السياسية واستبعادها من الحوارات الأمر الذي دفع ب 75 حزبا تقديم مذكرة ضده للأمين العام للأمم المتحدة تضمّنت انتقادات قوية لأداء البعثة في ليبيا.
وسط كل هذه المتناقضات التي تنتهجها البعثة والأداء الهش وعدم الديناميكية في التعامل مع الأزمة كان ولا بد لباتيلي أن يغادر ليبيا بطريقة تحفظ له ماء وجهه بتقديم باستقالته واتهام الكل بعرقلة مشروعه، إلا أن أي عاقل لا ينتظر من الأمم المتحدة أن تجد حلا للوضع في ليبيا بعد أن كانوا هم حجر الأساس لهذه المؤامرة الكونية.
الوضع الحالي يحتاج إلى حل ليبي ليبي إن لم يكن سياسيا بالحوار فليكن بالقوة العسكرية لو اقتضى الأمر، ولكم أن تراجعوا أنفسكم ماذا فعلت الأمم المتحدة وبعثتها في الملف الليبي غير مضاعفة التعقيد، ولكم من عبدالاله الخطيب في 2011 مرورا بإيان مارتن، طارق متري وبرناردينو ليون، ومارتن كوبلر وغسان سلامة وأخيرا وليس آخرا عبدالله باتيلي.. ولن يتوقف هذا المد الوهمي إلا بالكفاح الوطني لاستعادة ليبيا.. وهذا لا تريده القوة الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة.