شرفات
محمـد علوش
تبقى شينجيانغ قلعة حصينة وعنوانًا للتعايش والتنمية والتحديث الصيني النمط
عدت من الصين بعد زيارة لعدة أيام، كنت خلالها ممثلًا عن حزبنا – جبهة النضال الشعبي الفلسطيني – في إطار وفد استطلاعي مكون من ثلاثة وعشرين حزبًا يساريًا من الدول العربية، تلبية لدعوة دائرة العلاقات الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني.
والحقيقة أن لهذه الزيارة نكهة مختلفة، وأنا الذي زرت الصين مرات عديدة، فهي المرة الأولى التي أزور فيها منطقة شينجيانغ ذاتية الحكم لقومية الويغور، وتقع في شمال غربي الصين، وتبلغ مساحتها مليونًا وستمائة وستين ألف كيلومتر مربع، وبما يعادل سدس إجمالي مساحة الصين، وعدد سكانها قرابة عشرين مليونا، وحاضرتها أورومتشي، ويطلق عليها ألقاب مختلفة كبلد الغناء والرقص وبلد الفواكه وبلد الذهب واليشم وبلد القطن، وأنا أسميها بلاد الحب والحياة المتناغمة والتعايش الحقيقي بين مختلف العقائد.
وهذه المنطقة من الصين منطقة تشهد تطورًا تنمويًا كبيرًا وهائلًا يعكس مدى حرص القيادة الصينية على تطوير وتعزيز النهضة العظيمة للأمة الصينية، وهي منطقة مفعمة بالجمال الساحر والتناسق والتكامل بين مختلف الحضارات والثقافات والقوميات، فهي صورة معبرة عن التنوع الحضاري بين مختلف القوميات الـ56 المكونة لهذه المقاطعة بمدنها وأريافها ومساحة حضورها في العملية الحضارية في عموم الصين.
سأحمل في قلبي ذكريات جميلة ومن غير الممكن نسيانها، عن طيبة وصبر الصينيين في تلك المنطقة البعيدة جغرافيًا والقريبة من قلب كل من يزورها أو يشرب من مياهها، وهذه المنطقة لطالما تمنيت زيارتها من قبل، وقد أتيحت هذه الفرصة من قبل رفاقنا في الحزب الشيوعي الصيني، للاطلاع على حقائق الأمور وتفنيد كل المزاعم والأكاذيب والبيانات الإعلامية المشهورة للواقع الصيني في شينجيانغ والتي تقف خلفها ماكينة إعلامية وسياسية ومخابراتية أمريكية وغربية إمبريالية للعبث في حالة الاستقرار والوحدة والتناغم الأليف بين كافة مكونات الشعب الصيني ومحاولة احتواء الصين عبر شينجيانغ بتسويق الادعاءات الكاذبة وزرع المزيد من الأوهام في أداء فاضح وغير دقيق عن واقع المسلمين في الصين وإبراز النزعات القومية والدينية تشجيعيًا للانفصالية التي لن يكون لها أي فرصة في ظل السياسات والجهود الصينية وإدارة الحكم الذاتي بما يعزز من مبدأ الصين الواحدة، حيث قمنا بجولات ميدانية واستطلاعية وأجرينا لقاءات مهمة مع مفاصل وزانة في الحكومة وفي قيادة الحزب، وزرنا مراكز أبحاث الدراسات المتعلقة بالحضارة الإسلامية، وزرنا عدة مساجد والتقينا بالناس البسطاء في كل مكان، وهو ما عزز فينا الثقة المسبقة بأن هناك احتراما لكل المعتقدات، وأن حرية المعتقد مصانة، وأن الأوهام والتشويه لا يمكن أن يبني موقفًا مسبقًا عن تلك الانتهاكات المزعومة.
الولايات المتحدة آخر في بلد في العالم يمكن أن يتحدث عن حقوق الإنسان وعن الحريات وعن الديمقراطية، وهي التي تقتل وتحاصر وتفرض العدوان وتساهم في خلخلة ميزان القوى العالمي وتنتهك القانون الدولي والأعراف والمواثيق الدولية.
على الولايات المتحدة الأمريكية أن تتوقف عن استخدام المعايير المزدوجة فيما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان، ووقف العروض السياسية حول القضايا الإنسانية في غزة، والتوقف عن عرقلتها بشكل أحادي لجهود مجلس الأمن الدولي الهادفة إلى المساعدة في التوصل إلى قف إطلاق النار وحرب الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والعدوان في غزة، ويتعين عليها عدم الإدلاء بتصريحات منافقة وفارغة بشأن رمضان، بل اتخاذ إجراءات عملية لإنقاذ حياة المسلمين في غزة إن كانت حرصة فعلًا وقلقة ومنزعجة بخصوص أوضاع المسلمين في شينجاينغ الذين لم يكن هذا الشيطان محاميًا عنهم.
نتفهم تمامًا الجهود الكبيرة في شينجاينغ والأولوية التي يجب أن تعطى دائمًا للحفاظ على الاستقرار الاجتماعي لضمان التنمية الشاملة والمستدامة، فمن المهم أن تستمر هذه الجهود في دمج تطور النضال ضد الإرهاب وضد الانفصالية مع الدفع نحو تطبيع العمل في مجال الاستقرار الاجتماعي وسيادة القانون، فأثناء عملية التحديث الصيني النمط، ستبنى شينجيانغ بشكل أفضل جميلة وموحدة ومتناغمة وثرية ومزدهرة.
مع اختتام هذه الزيارة الجميلة والتاريخية تعززت لدينا الثقة بقدرة الصين دائمًا على مواجهة التحديات وتجاوز الصعاب، وأنا على يقين بأن الدعاية الإيجابية وإظهار مناخ الانفتاح والثقة بالنفس في شينجيانغ مع دحض جميع أشكال الرأي العام الكاذب والخطاب السلبي والتشويهي إلى جانب التنمية والتحديث وبناء الاشتراكية على نحو شامل هي الرد الأمثل على سياسات الاحتواء والتضليل الأمريكية التي تكيل بمكيالين وتعمل وفق منطق التخريب والتدخل السافر في شؤون غيرها من بلدان العالم.