مقالات الرأي

في ذكرى يوم الأرض

بقلم/ ناصر سعيد

يحيي الفلسطينيون في 30مارس من كل عام ذكرى “يوم الأرض”، ذكرى مصادرة سلطات الاحتلال الإسرائيلية عام 1976مساحات شاسعة من أراضيهم في سهل البطوف، حيث بدأت شرارة المظاهرات الاحتجاجية، في 29مارس، وأفضت إلى استشهاد 6فلسطينيين وإصابة العشرات.

وتأتي الذكرى هذا العام وسط تصاعد العدوان الإسرائيلي الوحشي المتواصل على قطاع غزة منذ 7أكتوبر 2023، إذ تشن قوات الكيان الصهيوني حربًا مدمرة على قطاع غزة خلفت عشرات آلاف الضحايا معظمهم أطفال ونساء، وتسببت في كارثة إنسانية ودمار هائل في البنى التحتية والممتلكات، مع ذلك ورغم شدة المعاناة فقضية الأرض تترسخ في أذهان الفلسطينيين جيلًا بعد جيل، فها هي غزة أرض الشهداء ومصنع الرجال تعطي دروسًا متقدمة في المقاومة والشهادة والبطولة والكبرياء ومواجهة آلة القتل والدمار الصهيونية، وهي تصد الهجمات وترد السهام إلى نحور وصدور المحتلين لتبقى الهامات عالية والإرادة صلبة أقوى من فولاذ الأسلحة الإسرائيلية والأمريكية.

مرة أخرى نقول إنه الصمود الذي أثبت للعدو الصهيوني أن ترسانة أسلحته لم ولن تثني أبناء فلسطين عن مشروعهم التحريري المقاوم وأن الشَعب الفِلسطيني لن يستسلِم وسيظل يقاوِم ويصنَع المعجِزات دون كلَلٍ أو ملَلٍ، وأن المقاومة الباسلة في غزة ليست قوة فصيل محدد أو حركة معينة، بل هي بمجملها العام تشكل قوة ردع وحماية وسندًا للشعب الفلسطيني.

السؤال اليوم لماذا وكيف تُترك غزة اليوم وحيدةً لتدافع عن كرامة وشرف ووجود العرب جميعاً؟ أين ماتت نجدة العربي ونخوته؟ ما الذي أصاب العربي حتى يتحول إلى كائن سلبي مدجن خانع مسلوب الإرادة والكرامة؟

إن التاريخ العربي لما قبل الإسلام قدَّم صورًا مشرقة عن معاني النخوة والنجدة، ومنها تلك الصورة التي اختزلها ما عُرف بيوم ذي قار، ذلك اليوم العظيم في تاريخ النخوة العربية، الذي تألَّقت فيه صورة الإباء والنخوة والنجدة والشهامة العربية حينما رفض هاني بن مسعود الشيباني تسليم عُهدة النعمان بن المنذر لكسرى، ملك الفرس حينها، وصمم على أن يواجه مع أهله مصيرهم على أن يسلِّم أمانته، وتجلَّى حينها كيف هبَّت العرب نصرةً لهذا الموقف العظيم الذي اتخذه الرجل حتى غدا مثلاً للنجدة والنخوة والحمية العربية.

ختامًا اعلمي أيتها الزعامات العربية التي سكن قلوبها الخوف والخذلان والتطبيع والانهزام أنه حتى الساعة لم يمت أحد في غزة، بل ماتت الإنسانية في العالم أجمع حين كان ينزف القطاع بصمت وألم ولم يسمعه أحد لأن صراخ واستغاثة الشرفاء لا يسمعها العملاء،وتذكَّروا يوم تشترون لأبنائكم ملابس العيد غزة تشتري في كل دقيقة كفنًا لشهيد، وطالما استمر العدوان فالمقاومة مستمرة مهما طال الزمن واشتدت المحن.

زر الذهاب إلى الأعلى