أمريكا تبدأ تدريب ميليشيات الدبيبة ومخاوف من إعادة إحياء “الباندات” الإيطالية
تقرير – سيد العبيدي
بعد مرور نحو 113 عامًا من الغزو الإيطالي الفاشستي لليبيا، يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية تحاول إعادة إحياء تجربة “الباندات” الإيطالية للسيطرة على ليبيا، من خلال تدريب عناصر محلية مؤدلجة ذات خلفية عسكرية مصطنعة، مستخدمه في ذلك شركة “أمينتيوم” العسكرية الأمريكية التي وقعت مؤخرًا اتفاقًا مع رئيس الحكومة منتهية الولاية عبدالحميد الدبيبة، تحت مسمى إصلاح القطاع الأمني ودمج التشكيلات العسكرية في المنطقة الغربية، وعلى رأسها ميليشيات اللواء 444 وقوات الردع وميليشيا محمد بحرون وفرسان جنزور.
و”الباندات” هي كلمة إيطالية تعني عصابة أو ميليشيا، وهي عبارة عن فرق غير نظامية من الخونة الليبيين أسست عام 1911 على يد الاستعمار، واستعان بهم الطليان ليُحكموا قبضتهم على ليبيا، حيث التحق الآلاف منهم في جيش الاستعمار الإيطالي في ليبيا إبان الاحتلال، وقاتلوا مع المستعمر ضد الليبيين والمجاهدين، ومنهم من كان يسكر مع الطليان، ومنهم من اعتنق المسيحية تقربًا من المستعمر، ومنهم من أفتى بواجب الطاعة لموسوليني ولى أمر المسلمين في ليبيا.
وشركة “أمنيتيوم” الأمريكية الأمنية، هي المتعاقد الرئيسي مع وزارة الدفاع الأمريكية ووكالة الاستخبارات المركزية، حيث تقوم الشركة بمهام تأمين الحماية واللوجستيات والاتصالات وبناء المقار والمنشآت الأمنية والتدريبية للجيش الأمريكي، إضافة إلى تعاقدها مع جيوش لدول عدة منها الصومال وبنين وإثيوبيا، إلا أن الشبهات تدور حول دورها الحقيقي في هذه الدول بسبب الاضطرابات الأمنية المستمرة الحاصلة في الدول التي تتواجد فيها، ناهيك عن ضلوعها وإدارتها لمؤسسات ومخابر بيولوجية تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية في عدة مناطق من العالم بينها القارة السمراء.
وتسعى الولايات المتحدة من خلال هذا الاتفاق إلى شرعنة وجودها العسكري في ليبيا وخاصة في مدن غرب البلاد؛ ومواجهة التمدد العسكري الروسي في شمال إفريقيا، ضمن الصراع القائم بين الطرفين، وهو ما يعزز مخاوف تحويل ليبيا إلى ساحة حرب عالمية على غرار ما حدث في الحربين العالميتين الأولى والثانية، بحسب رؤية مراقبين محليين.
وفي السياق كشفت وحدة الأبحاث والدراسات بالمركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية، في تقرير لها، عن تفاصيل الخطة الأمريكية بموافقة رئيس الحكومة منتهية الولاية عبد الحميد الدبیبة”، حيث أكد نقلًا عن أحد الضباط في المنطقة العسكرية الغربية، أن الشركة تعمل في ليبيا لتنفيذ الخطة الأمريكية والمتمثلة في دمج المجموعات المسلحة ضمن هياكل الأمن والجيش.
وذكر الضابط نفسه أن المعلوم من تفاصيل الخطة الأمريكية أيضًا هو التنسيق مع رئاسة أركان حكومة الدبيبة وقيادة قوات الشرق الليبي لاختيار مجموعات من الجنود النظاميين لتدريبهم على مهام حراسة المنافذ والحدود والمواقع الحيوية، وكذلك تدريب مجموعات أخرى على المهام الشرطية والأمنية، بما في ذلك العمل على أنظمة المراقبة الإلكترونية.
وقد زار مسؤولو الشركة طرابلس مرتين في ديسمبر ويناير الماضيين، وقد ظهر “جون بوزارت” نائب الرئيس العملياتي الأول في الشركة في طرابلس، في بداية شهر فبراير الماضي، وكذلك وصل رئيس الشركة في فبراير الماضي إلى مطار معيتيقة برفقة 70 عنصرًا استعدادًا لاستلام مهامهم في غضون إعلان مفاجئ صدر عن جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة التابع لحكومة الوحدة، سحب جميع أفراده ومكتبه أيضًا من مطار معيتيقة الدولي وميناء طرابلس البحري، امتثالًا لقرار رئيس الحكومة منتهية الولاية.
كما زار أفراد الشركة الأمريكية معسكر التكبالي في منطقة صلاح الدين بطرابلس، ومقر الأكاديمية البحرية في جنزور الضاحية الغربية لطرابلس، ومعسكر الحرشة بمدينة الزاوية غرب طرابلس، ومن المحتمل زيارة المزيد من المواقع العسكرية في مناطق شرق طرابلس، بهدف دراستها كمواقع لتدريب عناصر الشرطة والجيش، ومن المتوقع وصول دفعة إضافية من عناصر الشركة الفترة المقبلة بعد تجهيز المقرات الخاصة بهم، حيث سيتولون مهام التدريب والتسليح والدعم اللوجستي والفني للعناصر المسلحة.