28 مارس يوم السيادة
بقلم/ ناصر سعيد
الإجلاء، ذلك الحدث الوطني التاريخي والمهم الذي حققته ثورة الفاتح متمثلًا في طرد القوات والقواعد البريطانية، بعد أيام قليلة من قيامها، ثأرا لدماء الآباء والأجداد وتضحياتهم الجسام، وانطلاقا من أن الجلاء شرط أساسي للحرية، والحرية ناقصة ما دام الأجنبي يحتل جزءا من أرض الوطن، وتلبية لمطالب الشعب الليبي الذي رفض القواعد من أول يوم فرضها النظام الملكي، وقد انتفض الشعب في عامي 1952، 1954 ضد القواعد والتواجد الاستعماري رفضا للاحتلال وللمخاطر التي شكلتها القواعد الأجنبية على ليبيا وعلى الأمن القومي العربي، فشهد العالم تلك الثورة الوليدة عام 1969 لتقود معركة الإجلاء، وبعدستة أشهر، أوفت بعهدها وتم إجلاء القوات البريطانية في 1970/3/28م، ثم الأمريكية في 1970/6/11م، وبقايا الفاشيست في 1970/10/07م.
إن إجلاء الوحدات والقواعد البريطانية عن التراب الليبي شكل ضربة قوية للمشروع الاستعماري في العصر الحديث الذي كان يعتمد على القوة المسلحة لتكبيل حرية الشعوب ونهب ثرواتها.
ولم تفلح عمليات تزوير التاريخ، في إيجاد دور للنظام الملكي في إجلاء القوات والقواعد الأجنبية، وإلا لماذا لم يحتفل ويحي ذكرى الإجلاء هؤلاء الذين تمكنوا من ليبيا بعد سقوط نظامها الوطني؟ كما أن الترويج لقصة أن القواعد الأجنبية وجدت لأسباب مالية فهي من الأكاذيب التي لا تنطلي حتى على الأطفال، فالاستعمار لا يتدخل ويفرض واقعا ينتهك فيه سيادة البلد ويقيم القواعد على أساس تجاري ومالي.
ما أحرانا نحن الليبيين أن نتذكر هذا اليوم في إطاره ومغزاه، لنؤكد الإرادة الحضارية المقاومة لشعبنا عبر التاريخ، واستدعاء الذاكرة التاريخية، التي تفسر لنا أسباب ذلك التكالب والعدوان على ليبيا عبر العصور، ومعارك الدفاع عن النفس، ونتائج المقاومة.. إن موقع ليبيا الاستراتيجي بين المشرق والمغرب العربي، كبوابة في الشمال الإفريقي نحو المتوسط وعمق إفريقيا، جعلها تتعرض عبر التاريخ للغزو، وتقديم التضحيات، وقد سطر المجاهدونملحمة كفاح تاريخية ضد الغزو الإيطالي، كان آخر قادتها شيخ المجاهدين عمر المختار ورفاقه الأبطال، وهكذا روت دماء الشهداء أرض ليبيا إلى أن بدأت الحرب العالمية الثانية، ولكن الغرب من خلال دول التحالف المنتصرة بقيادة أمريكا وبريطانيا، نجحوا في فرض وجودهم وشروطهم الاستعمارية، وذلك بفرض شكل مشوه على ليبيا، فحصلت ليبيا على استقلال شكلي أثقله النظام الملكي بالمعاهدات والقواعد البريطانية والأمريكية، التي كانت تستخدم في العدوان على الأمة العربية مثل ما حدث عامي 1956 و1967م.
اليوم أبناء شعبنا معنيون بالاعتزاز بهذا الإنجاز وإحيائه وفهم أبعاده ومضامينه التحررية، ويجب أن نستمد من هذا اليوم العبرة والثقة في قدرتنا على الفعل، وتحقيق الانتصار، مهما كان حجم العدو وقدراته، ومهما كانت التضحيات.
الحرية للوطن والسيادة للشعب.