التائب والسيولة.. يجهضان نوايا الحكومة
بقلم/ عفاف الفرجاني
ملفات شائكة ومتداخلة حول معدل الصرف الجنوني الذي تنتهجه حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية، ملف يأخذك إلى ملف والكل يتهم الكل، شرارة الأزمة بدأت من محافظ مصرف ليبيا المركزي لاعتماده خطة تعرف بالسياسة الانكماشية، وهي خفض قيمة الدينار الليبي أمام الدولار، هو رجل اقتصاد ويعرف تمام المعرفة أنه في بلد غاب فيه القانون وحل مكانه منطق القوة، ستكون خطته الحبل الذي مد لليبيين للانتحار المادي ولو بعد حين، هذه الخطة أعطت الفرصة لحدوث جشع كبير لدى تجار العملة الذين جلهم يعملون تحت حماية ميليشيات مسلحة، حيث انتهزوا الفرصة في هذا الوضع لسحب العملة الصعبة من السوق لتنتعش السوق الموازية (السوق السوداء)، ومع ذلك ظل الدينار ولسنوات محافظًا على قيمته ولو كانت مناسبة نسبيًّا، ولعوامل أهمها وجود سيولة داخل المصرف المركزي، ومع ارتفاع معدل الصرف للحكومة حصل تضخم مصحوب بنقص في السيولة النقدية، أدى إلى زيادة انخفاض قيمة الدينار الليبي بنسبة تقدر بـ 71%، ليتعدى الدولار أضعافه المضاعفة التي لم يسجلها منذ ثماني سنوات، ليسفر عن ارتفاع أسعار السلع.
اليوم وسط هذا التضخم وغياب السيولة ودخول شهر رمضان يفاجأ الليبيون بأن السيد الرئيس وبتخطيط ممنهج يقرر أن يفتتح ملعب 11 يونيو بطرابلس بعد صيانته بملايين الدولارات، ونحن لسنا ضد التعمير والبناء، ولكن نحن ضد استغلال المواطن والضحك عليه، فالدبيبة ليغطي في هذا التوقيت عن عجزه في إيجاد الحلول المناسبة لمشكلة السيولة والتضخم انتهز فرصة افتتاح الملعب. دبيبة وكعادته رجل ميكافيلي الهوى يفتعل العفوية وروح الشباب من خلال إيهام المراهقين بالأماني وتحقيق الأحلام استطاع أن يصنع شعبية صورية للتغطية على جرائمه الاقتصادية في هذا المحفل الأسطوري، وهنا استعمل مراوغة أخرى للفتن غير مسبوقة، ولا أعتقد أنها من بنات أفكاره، فاللافي وزير دبيبة للدولة قرر أن يضرب وحدة الليبيين الاجتماعية هذه المرة بشق الصف الرياضي، ونجح في ذلك، من خلال استبعاد أبناء طرابلس عن مدينتهم كونهم مغضوبًا عليهم لتواجدهم في إقليم مجاور اسمه بنغازي، فقد تم تجاهل دعوة وزير الرياضة عبدالشفيع الجوفي عمدًا وتجاهل أيضًا أسطورة كرة القدم الليبية اللاعب المتميز طارق التايب، ابن طرابلس ونجم الأهلي كعقاب له على تواجده في محافل رياضية في بنغازي، فوق ذلك تجاهل الشركة المنفذة لصيانة الملعب رغم المجهود الذي بذل منها لإنجازه.
وليد اللافي شيطان الحكومة استبعد كل الإعلاميين من العاصمة ليحل مكانهم موظفو قناة سلام التابعة له، المحزن أكثر أنه رشح لتقديم الحفل مذيعي قناته الذين لا علاقة لهم بالرياضة، وتجاهل بنت طرابلس الإعلامية أزاد قباصة التي دخلت الملاعب كصحافية رياضية من عمر 19 سنة، وأول إعلامية رياضية تنقل مباريات طرابلس وبنغازي من أرض الملعب وتغطية كأس إفريقيا وكأس العالم، لا لشيء إلا لأنها وقعت عقدًا مع قناة ليبية بالمنطقة الشرقية، بعد استبعاد طارق ابن الأهلي والنجم العربي الليبي حل محله مدرب الأهلي من دولة شقيقة للعب المباراة مع نجوم إفريقيا، رغم أنه لم يلعب سوى في فريق درجة رابعة في بلاده مع كامل تقديرنا له.. ورغم الملايين التي استجلبوا بها نجوم الميلان ونجوم الكرة العالميين بنسائهم، ورغم كمية التمييز والتفرقة بين أبناء الشعب الواحد، الجمهور خذل الحكومة وتحداها، رفعت صورة التائب وتعالت هتافات (وين وين وين.. السيولة وين).