التحقيق كضمانة من ضمانات المساءلة التأديبية
أسماء الفسى
ذكرنا سابقًا أن التحقيق هو تحري حقيقة التهمة الموجهة إلى الموظف وجمع المعلومات عنها من كافة العناصر المتصلة بها.. ولما كان القرار التأديبي لا يمكن أن يكون سليمًا عادلًا إلا إذا قام على أساس معلومات صحيحة صادقة لذلك قضت التشريعات الوظيفية بأنه لا يجوز توقيع أي عقوبة تأديبية على الموظف إلا بعد التحقيق معه، وبهذا المعنى يعتبر التحقيق من أهم ضمانات الموظف التي تقية من المؤاخذة بمجرد الشبهة أو الاتهام الكاذب.
وللتحقيق أهميته في أنه أداة قانونية للوصول إلى الحقيقة كما ذكرنا سابقًا، إذ إنه يهدف إلى كشف حقيقة العلاقة بين المتهم والتهمة أو المخالفة الإدارية المنسوبة إليه. كما أنه وسيلة لجمع أدلة الإثبات، ففي مجال المساءلة التأديبية لا يجوز إقامة الإدانة على مجرد الشبهة أو الشك، ويستخدم التحقيق على وجه العموم كأساس لقرار السلطة الرئاسية باقتراح الجزاء أو توقيعه أو إحالة الموظف إلى مجلس التأديب.
أسباب التحقيق
بصفة عامة فإن سبب التحقيق الإداري هو إخلال الموظف بواجبات معينة من واجبات وظيفته التي نصت عليها المادة 11 من قانون علاقات العمل، ويكشف عن هذه المخالفة أو عن هذا السبب بتقرير من رئيس الموظف المباشر إلى الرئيس الأعلى أو شكوى من أحد الموظفين بالوحدة الإدارية أو اكتشاف خطأ محل التحقيق عن طريق التفتيش أو الرقابة، غير أنه قد يثار تساؤل حول الأساس القانوني للتحقيق الإداري؟ والإجابة عن ذلك نجدها تتمثل في مبدأ المشروعية الإدارية المتمثلة في الدستور والقانون واللائحة.
ـ التفرقة بين التحقيق الإداري والتحقيق الجنائي
هنا يجب أو يتعين التفرقة بين التحقيق الإداري والتحقيق الجنائي حتى لا يختلط الأمر بين المفهومين، فكل منهما يتم اتخاذه داخل نظام قانوني مستقل عن الآخر، وذلك لاختلاف المخالفة التأديبية عن الجريمة الجنائية، ورغم الاختلاف فهناك أوجه شبه بينهما، ومن ثم سنتطرق أولا إلى أوجه التشابه بينهما، ثم نأتي إلى أوجه الخلاف بينهما على النحو التالي:
أوجه الشبه بين التحقيق الإداري والتحقيق الجنائي:
1 ـ يتفق كل من التحقيق الإداري والتحقيق الجنائي في الهدف أو الغاية التي يهدف إليها كل منهما، وهي كشف الحقيقة عن علاقة المتهم أو الموظف المخالف بالتهمة أو المخالفة المنسوبة إليه.
2 ـ تتميز الإجراءات في كل منهما بأنها وسيلة تقوم بها السلطة التأديبية لجمع أدلة الإثبات فالمعاينة وسماع أقوال الشهود والتفتيش واستجواب المتهم.. الخ، كلها وسائل ومصادر للتنقيب والبحث عن الأدلة التي تفيد في وقوع المخالفة أو الجريمة الجنائية ونسبتها إلى فاعل معين. 3 ـ كتابة أو تدوين التحقيق الإداري والجنائي.. فقد أخذ كل من التحقيقين الإداري والجنائي بمبدأ الكتابة وتمثل الكتابة في إجراءات التحقيق السند الدال على حصوله وعدم توافره يؤدي إلى افتراض عدم مباشرة الإجراء.
4 ـ لا يختلف التحقيق الإداري عن محضر التحقيق الجنائي كثيرًا من حيث افتتاح محضر التحقيق وكيفية تحريره والبيانات التي يجب أن يشملها مثل التاريخ والديباجة ومضمون المحضر.