-مقالات الرأي

حكومة الحسم

بقلم/ سيد العبيدي

يترقب الشعب الليبي هذه الأيام الإعلان عن موعد تشكيل حكومة جديدة موحدة؛ لإدارة شؤون ليبيا حتى موعد إجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية وفق قوانين اللجنة المشتركة (6+6)، آملين أن تكون هذه الحكومة هي “حكومة الحسم” التي تصل بالبلاد إلى الاستقرار.

هذه الخطوة الضرورية باتت أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى، بعد أن تعالت الأصوات الشعبية المعارضة لاستمرار حكومة الدبيبة منتهية الولاية على رأس السلطة في طرابلس، خاصة بعد اتهامها بإهدار المال العام نتيجة فساد الإنفاق الذي كشف عنه محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير في خطاب موجه للدبيبة.

وقد أبدى الصديق الكبير، في خطاباته لرئيس الحكومة منتهية الولاية، امتعاضه من زيادة الإنفاق الحكومي الذي وصل خلال السنوات الثلاث الأخيرة إلى 420 مليار دينار، معظمها وُجِّه لنفقات استهلاكية على حساب الإنفاق التنموي بشكل ولَّد ضغوطًا على سعر صرف الدينار الليبي، مستغربًا من رغبة الدبيبة في أن يكون سعر صرف الدينار الليبي بواقع 1.3 مقابل الدولار الواحد، في الوقت الذي تزيد فيه حكومته من النفقات الاستهلاكية.

ويعد الإنفاق الاستهلاكي ضمن أدوات إهدار المال العام فهو إنفاق من أجل مصالح خاصة لا يخدم المشروعات التنموية والخدمية، ما أدى إلى زيادة الغضب الشعبي ضد رئيس الحكومة منتهية الولاية، علاوة على إصراره على وأد أي مبادرة من شأنها الوصول إلى تسوية سياسية، وقد ظهر ذلك جليًّا في اجتماع تونس الأخير بين أعضاء مجلسي النواب والدولة.

يتزامن ذلك مع انطلاق جلسة الحوار الثلاثي في القاهرة بدعوة من الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، بين رؤساء المجالس الثلاثة، عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، ومحمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي، ومحمد تكالة رئيس المجلس الأعلى للدولة، بينما على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته تجاه استمرار الأوضاع في ليبيا على هذا النحو الذي يريده الدبيبة والأطراف الخارجية الداعمة له.

من دون تشكيل حكومة موحدة في أسرع وقت ممكن تظل العملية السياسية في ليبيا رهن التجاذبات والصراعات الداخلية بين الأطراف، ما يعمق الأزمة ويقلل من فرص الحل في ظل تمسك كل طرف بأدواته، على حساب استقرار الدولة التي فشلت في تجاوز هذه الحقبة الصعبة من تاريخنا المعاصر، رغم كل هذا المبادرات الدولية والإقليمية للحل.

زر الذهاب إلى الأعلى