مقالات الرأي

رمضان مبارك

بقلم/ ناصر سعيد

أهنئكم بشهر رمضان المبارك، شهر الصيام والقيام والمغفرة والرحمة والتراحم والتواصل والصدقة والمحبة وإفطار الصائم، شهر القرآن وشهر التوبة والعفو، نسأل الله العلى العظيم أن ييسر أمورنا، وأن يجعل صيامنا وقيامنا مقبولًا، وأن يرحم موتانا، وأن يخفف معاناة أهلنا، وأن يهدينا إلى ما يحب ويرضى، وأن يصلح حالنا، وينزل الطمأنينة في قلوبنا، إنه نعم المولى ونعم النصير، ونستعيذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.

شهر رمضان موسم للتقوى والتقرب إلى الله، يشترك به جميع المسلمين المؤمنين برسالة نبيه الكريم، والصيام شعيرة، والشعائر تؤدى طواعية دونما إكراه، يقبل عليها المؤمن من نفسه وبما تمليه عليه علاقته بالله، إيمانًا واحتسابًا، لا رياءً ولا نفاقًا، فالله يعلم ما في قلوبنا، والشعائر قد تكون سلوكًا جماعيًّا، لكنها علاقة فردية خاصة بين الإنسان وربه، لا يمكن لأحد التدخل بها، من جهة أخرى يفترض بالصائم الزهد وحسن الخلق، صادقًا مع الله مطيعًا لأوامره، فيتذكر أحوال الجائعين المحتاجين، ويتذكر أن العمل الصالح إنما هو التعامل مع الناس، وليس الإسراف في ممارسة طقوس العبادات.

إن الصيام له تأثير عظيم على ضبط السلوك الإنساني وإصلاح أخطاء الناس، وهذا الشعور بجلالة رمضان وما له من مكانة، كثيرًا ما يكون حافزًا للتوبة الصادقة والعودة إلى الله، انطلاقًا من أنه ركن من أركان الإسلام، وصيامه فرض على كل مسلم قادر، وهو من الشعائر التي توحد المؤمنين، فيتوجب عليهم أن يكونوا رحماء بأنفسهم وأهليهم ووطنهم ومصيرهم ومستقبلهم، مرضاة لله في نشر المحبة والإخاء وفق تعاليم الدين الحنيف الذي نجتمع عليه ولا نختلف في العبادات لله الواحد، بعيدًا عن التشدد والتطرف والغلو والفتن. 

أدعوكم ونفسي في هذا الشهر الفضيل إلى ترك العناد والمكابرة، وأن ننفض غبار الحقد والكره عنا، والابتعاد عن الأسواق التي تبيع الأوهام إلى الناس، وأن ننظر في حالنا، وأن نقدم لأنفسنا وأهلنا صالحات العمل، وأن نغتنم فرصة الصوم لنصوم عن اللغو، والكذب ونشر الفتن، وأن نقدم مصالح شعبنا ووطننا على مصالحنا الضيقة، والإقدام بشجاعة على مصالحة مجتمعية واسعة تُرد فيها مظالم الناس وتُستوفى من خلالها حقوق الأفراد، مصالحة يرتضيها المظلومون، ويستفيد منها أيضا الظالمون، مصالحة تؤسس لمجتمع ليبي جديد حيث لا مظلوم ولا مغبون بل إخوة أحرار متساوون في الحقوق والواجبات.

شهر رمضان رسالة إلهية وإنسانية وأخلاقية لكل مسلم مؤمن بأن يعيش هذه الروح الإنسانية في المعاملة داخل المجتمع بين أبناء الوطن الواحد للبناء عليها في مصالحة وطنية شاملة بروح التقوى والعبادة والتسامح.

ما أحوجنا نحن الليبيين إلى عمل جاد خالص لوجه الله تعالى ولمصلحة الوطن الجريح، لتعود ليبيا دولة آمنة مستقرة أهلها إخوة متحابون، إنه على كل شيء قدير.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى