التحقيق الإداري كضمانة من ضمانات المساءلة التأديبية
أسماء الفسى
يتعين علينا أن نعلم أن التحقيق الإداري من أهم ضمانات المساءلة التأديبية للموظف، ومن الإجراءات الجوهرية التي يتطلب، بل يتعين، القيام بها بعد وقوع المخالفة وقبل توقيع الجزاء التأديبي على الموظف المخالف حيث هو الإجراء الثاني بعد إحالة الموظف من قبل الجهة المختصة باعتباره أول الإجراءات التأديبية التي تتخذ في حق الموظف للوصول إلى الحقيقة والتحقيق الإداري يجري سواء كانت السلطة المختصة بالتأديب هي السلطة الرئاسية أو إحدى الجهات الرقابية، حيث نصت المادة 156 من قانون علاقات العمل على أنه (لا يجوز توقيع عقوبة على الموظف إلا بعد التحقيق معه كتابة وسماع أقواله وتحقيق دفاعه).
ـ ويعد التحقيق أول إجراء من إجراءات التأديب الذي يأتي أساسًا للكشف عن الحقيقة ولنأتِ أولًا إلى مفهوم التحقيق.. حيث عرفه فقهاء القانون الإداري على أنه مجموعة من الإجراءات التي تقوم بها سلطة معينة بقصد تحديد ماهية الأفعال المبلغ عنها وظروفها وما إذا كانت تشكل جريمة تأديبية وأدلة ثبوتها وعدم ثبوتها وتحديد الشخص الذي ارتكبها.. وقد عرفه البعض الآخر بأنه أول إجراء من إجراءات التأديب يهدف إلى تحديد ماهية الأفعال محل التحقيق وظروفها وبيان الأفعال التي تنسب إلى الموظف. كما عرفه الأستاذ الدكتور مفتاح خليفة عبدالحميد (في كتابه النظام القانوني للموظف العام في القانون الليبي) بأنه (وسيلة قانونية تهدف للوصول إلى الحقيقة تتمثل في مجموعة الإجراءات الموضوعية التي تتخذها السلطة المختصة بالتحقيق لتحديد ما إذا كانت هذه الأفعال مجرمة قانونًا وبيان الأسانيد القانونية التي تنسب هذه الأفعال إلى الموظف العام)، ومن ثم فإنه ومن أبسط قواعد العدالة في إصدار القرارات الإدارية التأديبية إجراء تحقيق يكفل لمن صدر في حقهم الجزاء التأديبي تحقيقًا عادلًا يسمع فيه أقوالهم ويستهدف فيه وجه الحق. وبالتالي لكي يكون التحقيق الإداري قائمًا على أساس قانوني سليم يتعين أن يكون مرتكزًا على عدة مقومات أهمها:
ـ أن التحقيق الإداري يتعين أن يتم اتخاذه بعد وقوع المخالفة التأديبية من السلطة المختصة بالتأديب.
ـ التحقيق من الإجراءات الجوهرية لا بد من القيام به قبل توقيع الجزاء.
ـ التحقيق وسيلة لإظهار الحقيقة.
ـ التحقيق يعد من أهم الضمانات التأديبية للموظف العام.
ـ الأصل في التحقيق أن يكون مكتوبًا.. غير أن المشرع أجاز أن يكون شفويًّا وفي حالات محددة وعلى سبيل الحصر خاصة فيما إذا كانت العقوبة الإنذار أو الخصم البسيط إذا شاهد الرئيس الإداري وقوع المخالفة بنفسه.
ـ أن يصدر عن جهة إدارية منحها القانون هذه السلطة إذ يلزم لصحة إجراءات التحقيق أن يعهد به إلى جهة أو سلطة حدد لها القانون أو منحها سلطة التأديب.
ـ أن يهدف إلى البحث عن الأدلة التي تفيد في كشف الجريمة التأديبية ومن ارتكبها.