مقالات الرأي

من السودان.. فقاعات هواء!!

سالم أبو خزام

في عهد الرئيس المخلوع عمر البشير شهدت السودان ظهورًا قويًّا ومؤثرًا لتيار الإسلام السياسي، وكان من ضمن السلبيات الكثيرة التي أوجدها ظهور ما عرف لاحقًا بالدعم السريع، الموازي لعمل القوات المسلحة السودانية.

.. الدعم السريع ليس إلا عملًا موازيًا للجيش ويهدف أثناء استحداثه إلى القضاء على الميليشيات السودانية، أي المواجهة بنفس الآليات ونفس الأسلوب، غير أن الدعم السريع بات يلقى دعمًا أكبر حتى تحول وقادته إلى قوى نظامية، وأزيلت عنه تمامًا ما عرف بالتشكيلات الميليشياوية، وأصبح بحكم الواقع قوى نظامية وقانونية، حتى أن قائده “محمد حميدتي” رقي إلى رتبة ضابط كبير وأصبح نائبًا للعسكري المحترف “عبدالرحمن البرهان”.

.. عندما توجهت النيات للإطاحة به نهائيًّا رأى الخروج على القوات المسلحة وتحولت السودان وشعبها الطيب إلى ساحة للصراع، وفيها دمرت جميع إمكانيات السودان المتواضعة وشرد شعبها ودمر اقتصادها وأحرقت مؤسساتها ومحلاتها التجارية الخاصة والعامة، وقتل آلاف البشر ظلمًا وعدوانًا، وازدادت السودان سوادًا ودمارًا بين أيدي البرهان وحميدتي!!

.. السودان لم يعرف الذهاب في أي طريق فأتلف كل الطرق بما فيها الطريق الديموقراطي!!

وبهذه الحالة اندلعت الحرب التي لا تبقي ولا تذر حيث بات عبدالفتاح البرهان يبحث عن الحلول من ليبيا، ومن عبدالحميد الدبيبة رئيس الوزراء حيث لا يحمل أية صلاحيات تقوده للعب مثل هذا الدور!!

.. ليبيا وبكل أسف كانت تستطيع عن طريق منظمة (س. ص) أن تلعب أبرز الأدوار اقتصاديًّا وعسكريًّا وأمنيًّا، باعتبارها من ضمن دول الجوار للسودان وكونها دولة عربية شقيقة.

لكن من غير الممكن تحرك أية منظمات أخرى وإن كانت تابعة لإفريقيا، فالهموم والمشاكل الإفريقية عويصة وقاسية جدًّا، في وقت معقد للغاية ولكل مشاكله وظروفه الخاصة.

.. بينما الآن ليبيا في غير وسعها مد أيديها لا للسودان أو غيره من أجل حل مشاكله، وذلك للأسباب التالية:

ـ بافتراض أن رئيس الوزراء يستطيع أن يقدم رؤية أو حلًّا، فإن السودان قد حضر منه فقط جهة واحدة، وهو عبدالفتاح البرهان وهو يحمل بالتالي نصف الحقيقة.

البرهان يحمل همومه ومشكلاته ووجهة نظره الأحادية فقط، وحيث إن النصف الآخر غائب فإن طموحاته وآماله قد غابت معه أيضًا.

ـ غياب حميدتي عن طاولة الدبيبة الافتراضية يجعل المطروح عبارة عن (فقاعات هواء!!).

ـ عبدالحميد الدبيبة لا يستطيع أبدًا مد يده إلى مثلث الكفرة أرض الفعل والأحداث في مشكلة السودان من الناحية الليبية، ولغة المساعدة والحسم والتداخل يمتلكها غيره بكل وضوح.

ـ مقابلة عبدالفتاح البرهان في طرابلس لعدد من رجالات الإسلام السياسي هو المقصود نحو مزيد من إذكاء النزاع وليس البحث عن الحلول، وهذا معروف ومؤكد من خلال التعاطي والتعامل مع الأجنبي من قبل، إن الاجتهاد نحو قراءة البرهان يجعلنا لا نعفيه من تواصله مع (إسرائيل) سابقًا!

.. السودان العربي الذي يجري به نهر النيل وأرضه الزراعية الخصبة ومساحاته الشاسعة كأرض للخير حولها المخلوع عمر البشير إلى أرض للنزاعات وفقا لسياساته العقيمة، وكان نتاجها انشطار وتقسيم السودان إلى الخرطوم وجوبا، ثم توج أعماله وأفعاله بموازاة القوات المسلحة السودانية بجيش الدعم السريع وتعزيزًا للميليشيات على حساب جيشه وشعبه المغلوب على أمره.

.. السودان اليوم يدمر بالكامل ويحرق فيه الأخضر واليابس ويتقاتل شعبه فيه بالمواجهة، ويشرد السودانيون في أرض الله الواسعة نحو الكفرة بليبيا ومصر ومناطق أخرى كثيرة!!

صراعات تدور فيه وقودها أبناء السودان الطيبون وتكدس الأموال لمزيد من الحرق، أموال الخليج البائس ديار الفتنة والشر!!

.. بينما يواصل عبدالفتاح البرهان إخفاقاته وتدمير وطنه بالمشاركة مع جيش الدعم السريع بزعامة الجمال (حميدتي).

وينصب عبدالحميد الدبيبة طاولته في شارع السكة وأحد أطرافها عبدالفتاح البرهان بينما طرفها الآخر فقط فقاعات هواء!!

زر الذهاب إلى الأعلى