القلاعية.. وفائض الخيبات
عفاف الفرجاني
لا تزال الفواجع والكوارث الطبيعية تهز الشارع الليبي بين فوضى أمنية ومجازر جماعية وكوارث طبيعية ناتجة عن إهمال متعمد، حتى وصل الأمر إلى كارثة تهدد الهرم الغذائي بالكامل، جاء هذا الخبر عقب إعلان السلطات المحلية، تفشي مرض “الحمى القلاعية والجلد العقدي” القاتل بين الأبقار والمواشي، مما تسبب في نفوق الآلاف منها وخسارة أطنان اللحوم من خزينة الطعام الليبي.
وتسيطر المخاوف من فقدان السيطرة على هذا المرض الذي يهدد الثروة الحيوانية بالبلاد، كونه يمثل تهديدًا كبيرًا للثروة الحيوانية والأمن الغذائي في ليبيا والمنطقة.
وتتزايد المخاطر التي تهدد الأمن الغذائي من هذا المرض بسبب الطلب المتزايد على اللحوم بالتزامن مع حلول شهر رمضان دون حلول عاجلة للأزمة، مما سيؤثر بشكل سلبي على مناحي الحياة في البلد، وسيكون ذا عواقب وخيمة على الاقتصاد المعتمد على الاستيراد خاصة من حيث الأسعار.
فمرض الحمى القلاعية مرض فيروسي يصيب بشكل مباشر الأبقار والإبل والأغنام بدرجة أقل، كما ينتقل بين الحيوانات بواسطة الحشرات أو عبر الأكل أو الشراب الموبوء.
وتأتي أبرز أعراض المرض في ارتفاع درجات الحرارة والتهاب الجيوب الأنفية وظهور حبوب على الجلد، بحسب منظمة الصحة العالمية. والصادم في الموضوع أن هذا الفيروس يشبه وباء كورونا في طريقة انتقاله، إذ يكون الحيوان ناقلًا للعدوى بدرجة كبيرة، حيث يفرز الفيروس في اللعاب واللبن والبراز وينتقل من خلال مشاركة الأكل والشرب مع الحيوانات الأخرى.
كما يجب في الإجراء الصحي الاعتماد على اللقاحات المناسبة لكل سلالة للوقاية من الحمى القلاعية، ورصدت بدايات ظهور هذا المرض في مناطق شرق ليبيا، خصوصًا مدن البيضاء والمرج، كما رصد في بلدات أخرى بمناطق توكرة والجبل الأخضر شمال شرق، بحسب السلطات الزراعية التي أحصت في نوفمبر الماضي حوالي 177 إصابة، وبدايات نفوق عدد من الأبقار.
ولعل المرض لم يضرب الماشية فحسب، بل انتقل إلى 19 مزرعة دواجن نفق فيها أكثر من 65 ألف طائر.
التحركات الحكومية للسيطرة على الحمى القلاعي إلى الآن ضعيفة في المنطقة الشرقية، فيجب الضرب بيد من حديد على تجار المواشي الذين يستعملون في الأسواق الشعبية لبيع الأغنام ومخلفاتها ولو وصل الأمر إلى وضع قانون يجرم تداولها خارج نطاق الحظائر المجهزة بكافة التدابير والإجراءات الوقائية للحد من انتشار الوباء.
الآن المصالح البيطرية بالمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بتونس ترفع درجات التأهب على الحدود الليبية بسبب هذا المرض، وهذا هو المتوقع فعدد رؤوس الماشية في البلد ظل طيلة العقود الماضية دون المستوى المطلوب، نتيجة الإهمال وعدم التركيز على سلامة الثروة الحيوانية التي تنذر بتضخم كبير في الأسعار خلال موسم رمضان المحفز للاستهلاك لهذا النوع من الغذاء.