مقالات الرأي

انقضاء العقوبة التأديبية

أسماء الفسي

نتابع قراءنا الأفاضل شروط محو العقوبة كسبب من أسباب انقضاء العقوبة، حيث سبق أن أوردنا في مقال سابق عن الشرط الأول وهو الشرط الزمني.. ونأتي في هذا المقال للتحدث عن بقية الشروط، ومن بينها الشرط السلوكي لمحو العقوبة التأديبية:

ـ حيث إنه لا يكفي فقط توافر شرط الزمن لمحو العقوبة التأديبية المتخذة في حق الموظف المخالف، بل يتعين توافر شرط آخر، إذ إن الهدف من العقوبة التأديبية في الأصل هو ردع الموظف العام المخطئ إلى أن يصحح سلوكه المهني، وبالتالي فإن محو هذه العقوبة مكافأة له على نجاحه، وبالتالي تمحى العقوبة إذا تبين لجهة الإدارة أن سلوك الموظف وعمله أصبح مرضيا وموافقا لتعليمات العمل والقانون، ويتبين ذلك من خلال تقرير الكفاءة السنوية التي يقوم بإعدادها رؤسائه عليه خلال الفترة المحددة للمحو، والسؤال هنا: كيف يتم محو العقوبة؟

ـ يتم محو العقوبة في الحالات المذكورة أعلاه بقرار من الوزير المختص للقطاع أو المؤسسة التي يتبعها الموظف مرتكب المخالفة التأديبية وذلك بالنسبة لشاغلي وظائف الإدارة العليا، وبقرار من لجنة شؤون الموظفين بالنسبة لغيرهم، وذلك إذا تبين للوزير المختص أن سلوك هذا الموظف وعمله المكلف به منذ توقيع العقوبة مرضيان.

ـ ماذا يترتب على محو العقوبة؟

يترتب على محو العقوبة اعتبارها كأنها لم تكن بالنسبة للمستقبل ولا يؤثر المحو في الحقوق والتعويضات التي ترتبت نتيجة لها.

أيضا من ضمن آثار محو العقوبة رفع أوراق العقوبة من ملف خدمة الموظف، وذلك حتى لا تترك أثرا مباشرا في وضع العامل في المستقبل إذا ما أريد تقدير كفاءته أو ترشيحه لمنصب معين، وهذا الأثر بالذات منصوص عليه صراحة بقانون علاقات العمل، وذلك طبقا لنص الفقرة الأخيرة من نص المادة 166 من قانون العمل وكذلك جميع الآثار التي علقت به نتيجة توقيع عقوبة تأديبية عليه.

السبب الثاني لانقضاء العقوبة هو العفو عن العقوبة التأديبية

ويقصد بالعفو العام بصورة عامة إسدال ستار النسيان عن بعض الجرائم وسقوط الدعوى المرفوعة عنها والأحكام الصادرة فيها وذلك من خلال تنازل المجتمع عن حقوقه المترتبة على تلك الجرائم كلها أو بعض منها، إذًا هو تنازل الدولة عن حقها في توقيع العقاب على الجاني وإصدار ذلك بقانون.

وعليه.. فإن العفو العام يصدر بقانون من السلطة التشريعية أو من يمارسها لإلغاء تجريم بعض الأفعال ومحو ما يترتب عليها من نتائج.

وتجدر الإشارة إلى أن فكرة العفو عن العقوبة تنطوي على تحقيق العدالة في المجتمع أكثر من إيقاع العقوبة، فهي تؤدي إلى تحقيق المصالح وترجيح إحداها من أجل أن يسود العدل والاستقرار في المجتمع (منقول من كتاب النظام القانوني للموظف العام في القانون الليبي من التعيين إلى نهاية الخدمة).

ولكن ما أثر العفو عن الجريمة أو العقوبة على فصل العامل؟

يجيز المشرع في القانون الجنائي أحيانا وبشروط محددة العفو عن مرتكب الجريمة فإذا حدث ذلك فهل يعود الموظف الذي سبق فصله نتيجة صدور حكم جنائي ضده بتوقيع عقوبة ثم صدر قرار بالعفو عنه.. هنا في هذه الحالة فرضان:

ـ إذا كان العفو الشامل لا يتم إلا بقانون ويزيل كامل الجريمة بسائر أركانها فالقانون الذي صدر متضمنا العفو الشامل هو الذي يرتب الآثار المترتبة على العفو بمعنى هو الذي يحدد عودة الموظف إلى عمله أم لا.

ـ الفرض الثاني: العفو البسيط الذي يقتصر آثاره على العقوبة الجنائية فقط ومن ثم لا يمحو الجريمة ذاتها أو يزيل عنها الصفة الجرمية التي تظل عالقة بها كما لا يمحو الحكم الصادر بالإدانة فهذا لا يترتب عليه سوى إسقاط العقوبة الأصلية. ومن ثم فإن الموظف الذي أنهيت خدماته للحكم عليه في جناية لا يتأثر فصله بالعفو الصادر عن العقوبة لأن إنهاء الخدمة يتم مباشرة بقوة القانون.

زر الذهاب إلى الأعلى