محلل سياسي: نرفض محاولة استمرار ليبيا في أزماتها السياسية والاقتصادية
متابعات – الموقف الليبي
قال المحلل السياسي المهتم بالشأن الليبي عادل الخطاب: إنه لا شك أن أي دولة في العالم تُستمد قوتها من قوة اقتصادها في المقام الأول يليها العسكرية في المقام الثاني، ومن يستطيع التحكم بهاتين القوتين يستطيع فرض سلطته ونفوذه على البلاد داخلياً وتحقيق سيادة البلاد على الصعيد الخارجي.
وأضاف أن ليبيا تحكمها عدة قوى وتسيرها قوى خارجية طامعة بخيراتها منذ إسقاط النظام بقيادة الراحل العقيد معمر القذافي في العام 2011، مما يجعلها ضعيفة ومقسمة الى أجزاء.
وتابع أن الأزمة السياسية في ليبيا دخلت عامها الثالث عشر، في ظل تنافر وخصام بين القوى السياسية المتمثلة مجلس النواب الليبي والحكومة الليبية من جهة، وحكومة الدبيبة المنتهية الولاية بعد سحب الثقة منها والمجلس الرئاسي في الغرب الليبي والعاصمة طرابلس من جهة أخرى.
وأكد المحلل، أن جميع المحاولات المحلية لإيجاد مخرج من الأزمة وتوحيد مؤسسات الدولة من المصرف المركزي الى الحكومة والجيش اصطدمت بإرادة خارجية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الغربية التي تحوم في فلكها، يطبقها بعض المسؤولون الليبيون رفيعو المستوى في البلاد ويضعون العصي في عجلات الحل السياسي الرامي لإجراء انتخابات عامة لرئيس البلاد ومجلس نوابها.
وأشار إلى أن بعض الشخصيات منهم رئيس الحكومة منتهية الصلاحية يحاولون وضع شروط وأزمات تعطل أهداف الاتفاقات والتفاهمات السياسية التي جرت، خاصة مع عدم ترك منصبه قبل إجراء انتخابات في بلاده واختيار سلطة جديدة، في مشهد كتن سببا أساسيا في تعطيل إجراء الانتخابات.
واستطرد الخطاب، أن ملتقى الحوار السياسي الليبي تشكل برعاية الأمم المتحدة كآلية للخروج من المأزق السياسي السائد ظاهريا، وكان هدف الملتقى هو الخروج من حالة الجمود السياسي، وإسقاط صلاحيات حق النقض (الفيتو) الممنوحة للأطراف الرئيسية المُوقعة على اتفاق الصخيرات عام 2015، ولكن خلف الأبواب المغلقة، تكهن الكثيرون بأن الغرض الحقيقي من تكوين الملتقى هو إبقاء حالة الفوضى وإغلاق المجال أمام الحل السياسي عبر إيصال شخصيات تابعة للإرادة الغربية ومحققة لرغباتها.
وقال إن رئيس الحكومة منتهية الصلاحية جاء وقتها، لكي يقود المرحلة الانتقالية الرابعة في ليبيا، في ملتقى الحوار بعام 2021، الملتقى الذي انكشفت بعد إنتهاء أعماله أزمات كثيرة من ضغوط على الأعضاء لتبرهن فيما بعد القائمة التي حازت على الأكثرية والتي تضمنت الدبيبة على عدم عملها الجاد لحل الأزمة السياسية الليبية وطموح بعض أفرادها للبقاء في السلطة على حساب الإنتخابات وإرادة الشعب الليبي.
وأكد أنه رغم أن تاريخ الميليشيات المسلحة في ليبيا حافل بالتجاوزات والإرهاب لكن تم استخدامهم من خلال بعض المسئولين لتحقيق أغراض شخصية لإزاحة وترهيب المعارضين، كما حدث أثناء محاولة رئيس الحكومة الموازية المشكلة من قبل البرلمان فتحي باشاغا الدخول إلى العاصمة وإشهارهم السلاح في وجهه ووجه مرافقيه وبالتالي طرده مرتين على التوالي.
وأضاف أن هناك محاولات في الآونة الأخيرة لاستمالة الميليشيات المنتشرة من أجل تقوية نفوذ بعض الشخصيات والبقاء في السلطة، بعد التأكيد على أن مسلحي الميليشيات من البلاد ودافعوا عن أعراضهم ومقدساتهم في الشوارع من الغازي ومن الذين يريدون تخريب ليبيا.
وأشار الخطاب، إلى أن تاريخ الحكومة منتهية الصلاحية مليء بالأزمات، فلا شك بأن ذلك أثر بشكل مباشر على اقتصاد الدولة ومعيشة أفرادها، حيث كشف أحد تقارير ديوان المحاسبة عن أرقام صادمة وثقت إهدارا كبيرا في المال العام ومبالغة في الإنفاق الحكومي، تورطت فيها أغلب الأجهزة والمؤسسات، كما اعترف وزير الاقتصاد بحكومة الوحدة محمد الحويج أن نحو 40 في المئة من الليبيين تحت مستوى خط الفقر، وطالب المصرف المركزي بتثبيت سعر صرف الدينار أمام الدولار، مع رفض فتح الاعتمادات لسلع ليست ذات أولوية وأن التجار سيبيعون السلع بسعر التكلفة في شهر رمضان القادم.
وأرجع المحلل السياسي، ارتفاع مستويات الفقر في ليبيا إلى اتساع ظاهرة الأزمات في البلاد وتأثر المال العام والعبث بمقدرات الدولة، مشيرا إلى أن بعض التقارير أظهرت بأن محافظ مصرف ليبيا المركزي، صنع أيضا أزمات مالية قبيل الخلاف الذي نشأ بينه وبين رئيس الحكومة منتهية الصلاحية، بعد أن حاول السيطرة على عائدات النفط التي تودع في المصرف المركزي، والذي كانت من تبعاته سعيه بالإطاحة برئيس الحكومة منتهية الصلاحية من تركيا، وإيقافه تمويل الإنفاق العام للحكومة.
وأكد أن الصديق الكبير، تحول إلى رقم صعب في المشهد الليبي منذ العام 2011، إذ تغير الكثير من المسؤولين في البلاد سواء على مستوى رؤوس الدولة الليبية المنقسمة، أو على صعيد رؤساء ومديري مؤسسات وشركات حيوية في البلاد، وكان آخرهم الرئيس السابق للمؤسسة الوطنية للنفط، مصطفى صنع الله، لكن، وبقي الكبير على رأس المصرف المركزي المؤسسة المالية الليبية الأهم على الإطلاق، ويسميها البعض بيت مال البلاد.
وقال الخطاب، إن عائدات النفط تستمر في التراكم في مركزي طرابلس، وهو الوضع الذي جعل عملية وضع الميزانية العادية مستحيلة، مما جعل الكبير لاعبًا مركزيًا في جميع المفاوضات المستقبلية بشأن الإنفاق الحكومي، وقد سبق وأن تقدم نواب بالبرلمان الليبي، بطلب إلى رئيس البرلمان المستشار عقيلة صالح لإيقاف محافظ المصرف المركزي، وإحالته للتحقيق فيما نُسب إليه من اتهامات، وفق ما كشفه تقرير لديوان المحاسبة، وإتهموه بالعمل بمعزل عن سلطة البرلمان، وعن مجلس إدارة المصرف المركزي، وصرفه على الحكومة دون مراعاة القانون المالي للدولة، وقانون الدين العام، إلا أنهم فشلوا في تحقيق ذلك.
وتابع أن رئيس الحكومة منتهية الصلاحية أكد أنه غير مستعد للتخلي عن منصبه إلا بعد تنظيم انتخابات تفرز سلطات جديدة تحظى بالشرعية الشعبية، ودعا في مقابلته تلفزيونية، مجلسي النواب والدولة بالتوافق على قانون الانتخابات، مشددا على ضرورة إقرار قوانين عادلة لإجراء الانتخابات المقبلة، وجدد رفضه دخول البلاد في مرحلة انتقالية جديدة.
وبحسب المحلل الخطاب، فإن الدبيبة عازم على المضي في مخططه الهادف الى البقاء في السلطة والاستفادة منها بأقصى درجة، بغض النظر عن تصريحاته التي يلقي فيها باللوم على الفشل في إجراء الانتخابات على الآخرين، وبأنه يريد الحل، حيث أفادت مصادر مقربة بأنه يريد البقاء بالسلطة والإطاحة بجميع منافسيه في المرحلة الراهنة، وإجراء تعديلات جذرية في دوائر الحكم، وبالتالي فإن هدفه الأول هو محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير، بيت مال الليبيين كما يصفونه، خصوصاً بعد الخلاف الحاصل بينهما.
وشدد على أن رئيس الحكومة منتهية الصلاحية بعد أن يتخلص من الكبير، سيضع نصب عينيه هدفاً آخر ربما يكون رئيس المؤسسة الوطنية للنفط أو رئيس المجلس الرئاسي أو أي شخصية سياسية أو اقتصادية يمكن أن تهدد وجوده، فهو رجل طموح الى السلطة ويلقى دعما خارجيا ممتازا، وبالتالي سوف يرسخ بتصرفاته الإنقسام الحاصل ويقود البلاد نحو فوضى جديدة، تستثمرها الولايات المتحدة والدول الغربية، وتبقى ليبيا في دوامة الدول الغير قادرة على التمتمع بسيادتها واستقلالها وتحقيق رفاهية شعبها.