مقالات الرأي

(شرفات)الزمن الفلسطيني الصعب  والزمن الفلسطيني القادم

محمـد علوش

الزمن الفلسطيني ليس كأي زمن، يكتبه الفلسطينيون بالدم والتضحيات وقوافل الشهداء التي تواصل المسيرة بعزيمة وثبات على درب الحرية والاستقلال ودحر الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.

هذا الزمن الفلسطيني اليوم مختلف تمامًا، له نكهة مختلفة في غزة وفي خان يونس وفي رفح وفي كل مخيم وحارة وزقاق، حيث تتجلى ملاحم الصمود، وبطولات الأجيال الفلسطينية الثابتة على الثوابت التي تكتب بالدم لتحيا فلسطين.

وحدهم الفلسطينيون من يعرفون قيمة هذا الزمن، والفلسطينيون اليوم ليسوا مجرد فلسطينيين، إنهم أمة تملأ الدنيا وتشغل الناس في عالم ظالم وغير عادل، قدم كل الدعم لإسرائيل الإرهابية لترتكب أفظع جرائم الحرب والإبادة الجماعية، وتبنى ساسة وقادة هذا العالم رواية الاحتلال وقيادته الإرهابية في حكومة ومجلس حرب إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال.

العالم ظالم ومجحف في قراراته وفي مواقفه وفي غطائه غير المبرر لكل هذه الجرائم الوحشية التي يندى لها جبين البشرية، ورغم كل هذا الظلم التاريخي الذي وقع على الشعب الفلسطيني على مدار عقود طويلة من القهر والاضطهاد والاستلاب والابتزاز والاحتلال ومحاولات طمس الهوية الوطنية والإنسانية والحضارية للشعب الفلسطيني كشعب أصيل متجذر على أرض وطنه الذي لا وطن له ولنا سواه.

الزمن الفلسطيني والوجع الفلسطيني والدم الفلسطيني وطريق الآلام الفلسطينية أعادت ضبط جميع الأوقات وفق الزمن الفلسطيني، فمن يرد أن يتعلم الإنسانية والكرامة والنضال والحياة والثبات والمقاومة والعدل والقيم الحضارية والثقافة ومن يرد أن يعيش الأمل والحرية والإنسانية فليكن مع فلسطين المظلومة والمعذبة والمحتلة التي تقاتل في سبيل حرية شعبها ووطنها أسوة بكافة شعوب الأرض التي قررت مصيرها وانتهجت طريق حياتها باستقلالية تامة تعزيزًا لحقها ومكانتها ومستقبلها، واليوم كل شعوب الأرض تنتفض من أجل فلسطين، ومن أجل غزة.. غزة الجريحة وغزة المفترى عليها من قبل عالم ظالم انحاز للقتل والجريمة وإرهاب الدولة وترك الضحية وحيدة مقهورة وذبيحة تحت النزف وتحت الردم وتحت القصف الهمجي.

هذا الزمن الفلسطيني تحت القصف وصواريخ القتل والدمار التي تفتك بالمدنيين الأبرياء الذين يلاحقهم الاحتلال من جريمة إلى جريمة ومن مذبحة إلى مذبحة في ظل صمت عربي ودولي لا يمكن تبريره ولا يمكن أن يغفر هذا الصمت الصارخ وهذا التواطؤ الدولي الرسمي من أي طرف كان، فغزة اليوم تتعرض لجريمة حرب متواصلة على مدار أكثر من أربعة شهور، في كل يوم أكثر من جريمة وتتصاعد أرواح الشهداء لتكون لعنة على القتلة الإرهابيين وكل من يدعمهم ويقف إلى جانبهم في هذا العار الذي لا يغتفر.

إن الاحتلال الإسرائيلي يواصل تنفيذ جرائمه الوحشية ومخططاته العدوانية في عداء مطلق لإنسانية الفلسطينيين دون أي تمييز، هذه الحرب الشاملة ليست على حماس أو على المقاومة، بل هي حرب إبادة جماعية وإرهاب دولة منظم وتطهير عرقي ضد شعب بأكمله، وضد تاريخ وجغرافيا، وضد هوية وحضارة وضد شعب يمتلك إرادة الحياة، ولا يمكن لهذه الإرادة أن تنكسر، ولا يمكن لشعب عظيم مناضل يقدم طوفانا من التضحيات العظيمة من أجل تحقيق الحلم الفلسطيني بإنهاء هذا الفصل الأسود الدموي والعنصري والفاشي الذي يمثله الاحتلال الإسرائيلي، ورغم كل هذا العذاب اليوميّ وكل هذه الأرواح التي تعانق بوح الأرض وتكتب فصل الحياة الجديدة لفلسطين الشهيدة والشاهدة التي ستنتصر بإرادتها الحرة وبصمودها ومقاومتها، فالزمن الفلسطيني كفيل بأن يحقق أهداف وتطلعات شعبنا، رغم الجحيم وكل السيناريوهات والأهداف المعلنة وغير المعلنة، هذا الشعب لن يقتلع من أرضه ولن يرحل أبدًا، سيموت ويحيا فوق أرض فلسطين في الزمن الفلسطيني الصعب وفي الزمن الفلسطيني القادم الذي يحمل في ثناياه الخير والسلام ويعلن الحقيقة الفلسطينية التي لا يمكن أن يتجاوزها أحد.

زر الذهاب إلى الأعلى