في حضرة أحابيل الباطل
محمد مخلوف
يصرون على البقاء في الضلالة والفحشاء، والمنكر وإقامة الاحتفالات وقطع المرتبات وشراء الذمم، وإحضار المغنيات بالدنانير والدولارات، في يوم عسير ذي مسغبة أكثروا فيه الفساد في مرحلة عصيبة من تاريخ البلاد، ويبذرون أموال الشعب تبذيرا في غوط الباطل والملذات والمواطن يواجه الظلم والإذلال والمعاناة، كل يوم بعد أن تآمروا مع الأعداء عليه.
بماذا يحتفلون؟ هل يحتفلون بالاحتلال أم بالخراب والدمار، وهجرة العقول ونهب الثروات وضياع الأصول، أم بالفقر والجوع والعطش والبطالة والجمود، وتهريب البشر والوقود، فالسجون امتلأت ظلما بالنساء والشرفاء والأبرياء، وحكومات الظل والطاعة يتصدرون المشهد وسط العبث الأجنبي ومعسكرات المرتزقة وتابعيهم ممن رحمتهم الدولة سابقا وأعلنوا التوبة ثم عادوا إلينا وأسنانهم تقطر سما، ويرونه نصرا وفخرا، وهو جبن وكفر.
لقد تبخرت الأحلام وبيع الأوهام، والوعود بالمدينة الفاضلة فأصبحت بلادنا دولة الفوضى المبعثرة والمحتلة والفاشلة اليوم، لا كرامة ولا مكانة بعد أن تحالف زمرة الشياطين في الداخل مع أصحاب الباطل في الخارج، لقتل البرية، وهى فتنة، فصارت عليهم وبالا ولعنة، تطاردهم في كل مكان، وعشم الوطن والأولياء والشرفاء ودعوات الثكالى، هو عذاب لهم في الدنيا ولم يستطيعوا معه تحقيق أحلامهم وأهدافهم البائسة.
جلبوا الأشرار وفرق الموت الصليبيين الكفار جهارا نهارا، استقبلوا إبليس برنارد وهو عار عليهم، وعدا منه بالتغيير والإعمار فحصدوا الخراب والدمار وسوء المصير، والله يفعل ما يريد، يحتفلون بما لا يعون نتائج ما صنعت أيديهم سرقة في الليل والنهار، دخلوا البلاد متلبسين، التي كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان، فجعلوا أعاليها أسافلها، أولئك القوم الجبارين والغزاة الطامعين، حيث سعوا في خرابها، أحرقوا مراكز الشرطة والنفط والمطار، ونهبوا خزائن مصارف الشعب من الذهب والدينار والدولار، وقتلوا الآلاف من الأبرياء المدنيين، وقطعوا الرؤوس بالفؤوس، وخربوا مؤسسات الدولة الليبية، وباعوا للمارقين وثائقها السرية، وعطلوا التنمية وزعزعوا الأمن والاستقرار فكيف عليهم تحكمون؟
مرة أخرى يستغفلون البسطاء والمرضى والبلهاء، والراقصين في حضرة أحابيل الباطل، ونشر الفاحشة وإباحة المحرمات والاختلاط باسم الحرية والانفتاح وصرف المليارات دون حسيب أو رقيب، إنه ميعاد للسخرية هم فيه يمترون أصحاب الباطل والإفك والتضليل لأنهم سكارى يعملون شرا ولا يفقهون قليلا، كيف كنا وكيف أصبحنا مستمرين في طغيانهم يعمهون زورا وبهتانا، ويوهمون البسطاء بحلم لا يستطيعون تحقيقه في اليقظة.
إنها مؤامرة دولية تشابكت خيوطها وتعددت أطرافها.. ولكن تبقى الحقيقة ساطعة كشمس السماء المشرقة التي يقف اليوم الجميع في بؤرتها، عن نكبة وطن أصابت الجميع ولم يسلم من آثارها الكارثية أحد، فالمشهد اليوم واضح لا يحتاج إلى شرح أو تأويل، بلادنا محتلة والمواطن مخطوف وساحة للإرهاب وكل ما هو محظور محليا ودوليا تحت غطاء الدول المتنفذة في الملف الليبي فلا انتخابات منتظرة ولا حلول قادمة في ظل التدخل الخارجي والتصلب الداخلي واختزال حل الأزمة الليبية في شخوص محدودة لها سوابق مشهودة، ارتبطت بالخارج وأرهنت القرار الوطني للأجنبي وعرضت أمنها وسيادتها للخطر وفي طريقها للتطبيع والتقسيم والتفتيت دون أدنى خجل أو رادع حتى صارت جسر عبور لرغبة بعض الأموات في الحياة من جديد والتفكير في عودة القوالب القديمة بحكم الأسرة ونظام الحاكم الوحيد والحكم المطلق.
إننا اليوم أحوج ما نكون إلى اليقظة والوعي، لتنوير العقول بالأخطار المحدقة والمداهمة لمنطقتنا وبلادنا، والرد على الأبواق الناعقة حقدا وشرا وباطلا ويحتفلون بالفواحش والأباطيل وطلاسم النصارى واليهود الصهاينة والمتجنسين في بلدان الكفر، ويظل المشروع الوطني النضالي خيارا تاريخيا وحيدا لافتكاك الوطن من مغتصبيه وتحرير القرار الوطني وهيبة الدولة، فالحرية للوطن والسيادة للشعب.