تموقع القوى الكبرى
عبد الله المقري
العالم الذي يشكل العمليات اللوجستية من حولنا نحن دول شمال إفريقيا يمثل تموقعا للقوى العظمى التي تستفيد من الوضع الفوضوي الناتج عن مؤامرة الربيع العربي ذات التوجه في خلق صراعات وحروب أهلية وعدم استقرار سياسي وأمني واقتصادي في ليبيا يعهد به إلى الأمم المتحدة التي هي غير قادرة على إنجاز مهمة فك الاشتباك بين التنظيمات المسلحة منها الأيدولوجية التي تغذيها جماعات الإخوان المسلمين التي وجدت الدعم الدولي السياسي والعسكري حيث أرادت أن تحول ليبيا إلى ساحة تموقع لحكم المرشد الإخواني وتأسيس الدولة الدينية وبيت مال الخليفة الإخواني لتمويل التنظيمات الإرهابية في وسط إفريقيا والامتداد إلى شرق وجنوب الصحراء الكبرى والتنظيمات الجهوية التي هي الأخرى تحولت إلى أداة طمع في السلطة والفي والحرابة باستعمال الخطف والقتل والترهيب والسيطرة على المؤسسات الاقتصادية مثل الموانئ البحرية والجوية التي أصبحت مصدرا للتهريب وجني العائد من الخدمات التي كانت موارد للدولة من عائدات الجمارك وعائدات خدمات السفر ولم يقتصر على ذلك فقد تكونت أسواق تحتكر العمل التجاري لبعض المنظمات المسلحة بالاستيلاء على عائدات المحاجر والمصانع في سيطرتها حيث أصبحت هذه المنظمات تتقوى بفعل تمتعها وملكيتها لقاعدة صناعية تمول جيوب قادتها، وتحولت خزينة الدولة إلى مصدر للصرف والدعم بالإضافة إلى المنح بمئات الملايين وأصبحت بين الحين والآخر تتصنع صراعات في المنطقة الغربية ومدينة طرابلس بالذات لكي تقوم حكومة الوحدة الوطنية برشوة هذه الجماعات المسلحة لمنع تكرار نشوب صراع مسلح مصطنع لأجل الابتزاز، ويثبت ذلك كل يوم بحصولها على مزيد من الصرف على أنشطتها الفوضوية بالسيارات والعتاد بجميع أنواعه لإرهاب المواطنين مع توسع القبض خارج القانون لمن يدافع عن أهله ورزقه وماله.
وأصبحت الحالة السياسية مهترئة عقب سقوط الدولة الليبية القومية التي لها بعد قومي تحرري بخلاف وجود الدولة الوطنية تحت شعار زائف يبحث عن مخلفات سياسية قد تجاوزها الزمن ودفنت في خزائن وثائق التاريخ الذي سجل عمالتها للاستعمار، بل استدعت الاستعمار من أجل السيطرة والتبعية.
ومن منطلق هذه الحقيقة التاريخية تصبح هذه السلطة التي تخطف العاصمة طرابلس تتخندق خلف ما تم الاستيلاء عليه من أسلحة وعتاد من المؤسسة العسكرية التي استهدفها العدوان الأطلسي، حيث تحول إلى وجه وصي سياسيا واقتصاديا في شكل مبادرات دولية وإقليمية ضمنها آخر محاولة عبثية يقوم بها السيد عبد الله باتيلي مندوب الأمين العام للأمم المتحدة بداية هذه السنة باركها مجلس الأمن الدولي بالجدية لإيجاد حكومة وطنية مصغرة يقع على عاتقها منع أي محاولة قتالية قد تحدث نتيجة تفرد المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية المقالة من قبل مجلس النواب الليبي بالاستمرار في سلطة الفشل والعمالة والفساد.