التفاصيل الكاملة لإحاطة باتيلي أمام مجلس الأمن الدولي بشأن ليبيا
متابعات – الموقف الليبي
قدم المعبوث الأممي عبدالله باتيلي، إحاطة شاملة عن الأوضاع في ليبيا مساء اليوم الخميس أمام مجلس الأمن، مشيراً إلى وضع الليبيين الذي وصفه بـ”المأسوي” قبل يومين من إحياء ذكرى أحداث 17 فبراير 2011.
وقال باتيلي، في إحاطته: “ثلاثة عشر عاماً والليبيون ما يزالون في انتظار تحقيق تطلعاتهم إلى السلام الدائم والديمقراطية”، موضحا أنه على الرغم من استكمال الإطار الدستوري والقانوني للانتخابات من قبل لجنة (6+6) المشتركة بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة في عام 2023 والمصادقة عليه لاحقاً من قبل مجلس النواب، وهي عملية استغرقت أكثر من 11 شهراً، يبدو أن الأطراف المؤسسية الليبية الرئيسية غير راغبة في حل المسائل العالقة محل الخلاف السياسي لتمهيد الطريق أمام الانتخابات التي طال انتظارها في ليبيا.
وأضاف المبعوث الأممي: “منذ إحاطتي الأخيرة، واصلت مشاوراتي مع هذه الأطراف الرئيسية، مخاطباً فيهم حكمتهم، وحسهم بالمسؤولية إزاء وطنهم الأم، وحتى الآن، لم يتخذ أي منهم خطوة حاسمة بعيداً عن موقفه الأولي، مع استمرار كل منهم في وضع الشروط المسبقة لمشاركته في الحوار كوسيلة للحفاظ على الوضع القائم، وهو ما يبدو أنه يناسبهم”.
وتابع: “خلال مناقشاتي الأخيرة مع عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، جدد التأكيد على أن القضية الرئيسية التي ينبغي أن تُطرح على جدول الأعمال هي تشكيل حكومة موحدة، لأن هذا سيكون من الصلاحيات الرئيسية لمجلس النواب باعتباره ”السلطة الشرعية الوحيدة“ المعنية بهذا الشأن، وأنه سوف يشارك فقط في حال إما مشاركة الحكومتين أو استبعادهما معاً.
ولفت إلى أن محمد تكالة، رئيس المجلس الأعلى للدولة، يواصل رفضه للقوانين الانتخابية كما نشرها مجلس النواب مطالباً بالعودة إلى المسودة التي تم الاتفاق عليها بين أعضاء لجنة (6+6) المشتركة في بوزنيقة. وفي رأيه، ينبغي أن يركز النقاش على تنقيح القوانين الانتخابية لإعادتها إلى ما أسماها ب “النسخة الأولية” من النص.
وأكد باتيلي أن رئيس الحكومة منتهية الولاية عبدالحميد الدبيبة يصر على أنه لن يتنحى عن منصبه الحالي إلا بعد إجراء الانتخابات، ما يعني أن حكومة المنتهية ولايتها التي يترأسها ستشرف على العملية الانتخابية المقبلة.
ونوه بأن القائد العام للقوات المُسلحة العربية الليبية المُشير خليفة حفتر يصرّ على مشاركة الحكومتين في المحادثات أو استبعادهما معاً، متابعا: “لا يريد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، أن يتم اعتباره طرفاً، غير أنه مستعد لأن يلعب دور الميسر دعماً مبادرتي”.
وشدد على أن السبيل إلى الخروج من الأزمة يستلزم حل جميع المسائل التي حالت دون إجراء الانتخابات في عام 2021 من خلال المفاوضات والتوافق على تسوية سياسية بين الأطراف المؤسسية الرئيسية. ولذلك فإنني أحث جميع الأطراف المؤسسية الليبية على المشاركة في الحوار دون شروط مسبقة.
وأكد باتيلي أنه من الضروري معالجة بواعث القلق والشواغل التي أعرب عنها بعض أصحاب الشأن الرئيسيين، بما في ذلك من خلال إيجاد آلية مؤقتة للإدارة الشفافة والتوزيع العادل للموارد، وتوفير ضمانات لإيجار أرضية تنافس متكافئة بين جميع المرشحين، وضمانات بأن لا تفرز الانتخابات سيناريو يستأثر فيه الفائز بكل شيء على حساب الآخرين، كما يجب أن تتضمن التسوية السياسية المتوخاة أيضاً خطوات بجدول زمني صارم يفضي في النهاية إلى يوم الاقتراع.
وأشار إلى أن استمرار انقسام بين الشرق والغرب في المؤسسات الوطنية سوف ينجم عنه، مرة أخرى، عدم وجود ميزانية وطنية معتمدة يسترشد بها الإنفاق العام، مما يؤدي إلى إدامة غياب الشفافية في استخدام التمويل العام والتوزيع غير العادل لثروات البلاد. كما أنه يزيد من هشاشة الاقتصاد الليبي في مواجهة الاضطرابات الداخلية والخارجية.
واستطرد: “لقد عانت المنطقة الجنوبية في ليبيا أيضاً ولفترة طويلة من التهميش الاقتصادي والسياسي الذي يستوجب معالجته. من الأهمية بمكان وجود آليات وطنية شاملة تلبي الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية للجميع بطريقة عادلة”.
ونوه بأنه ما يزال احتدام التنافس بين الفاعلين الأمنيين في طرابلس للسيطرة على الأراضي في مناطق استراتيجية بالعاصمة، بما فيها المناطق التي تتواجد فيها قواعد عسكرية ومؤسسات الدولة، ومن بينها مصرف ليبيا المركزي، يهدد الوضع الأمني الهش في العاصمة، موضحاً: “تجلت بشكل ملحوظ خلال الأسابيع القليلة الماضية التوترات بين ما يسمى “جهاز الردع لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب” وما يسمى “جهاز دعم الاستقرار” والتشكيلات المسلحة الأخرى المتحالفة معه.
وقال باتيلي، إنه من غير الممكن إحراز تقدم في إجراء انتخابات وطنية ذات مصداقية دون التوصل إلى تسوية سياسية بين الأطراف المؤسسية الرئيسية في ليبيا. وأحث مرة أخرى قادة ليبيا على وضع مصالحهم الشخصية جانباً والجلوس إلى طاولة المفاوضات بحُسن نية وعلى استعداد لمناقشة جميع المسائل الخلافية.
واختتم إحاطته، قائلا: “إن الإحجام عن ذلك يثير الشكوك ليس فقط حول التزامهم بالانتخابات، وإنما أيضاً حول التزامهم بوحدة ومستقبل بلدهم، الذين هم ملزمون بالخضوع لمساءلته”.