مقالات الرأي

الانتخابات الليبية وأزمة الشرعية الدستورية

بقلم – سيد العبيدي:

مجلس النواب الليبي هو صاحب الشرعية الدستورية وصاحب السلطة الشعبية بصفته ممثلاً عن الشعب، لذلك هو صاحب الحق الأصيل في إصدار القوانين وإقرارها، بينما المجلس الأعلى للدولة هو مجرد “مجلس استشاري” رأيه غير غير ملزم للسلطة التشريعية، بحسب نص الإعلان الدستوري رقم 13 الصادر في أعقاب أحداث 2011.

مطلع أكتوبر العام الماضي أصدر مجلس النواب الليبي بصفته التشريعية وفي ذات الاختصاص، القوانين الانتخابية ممثلة في قانوني “رئيس الدولة” و”مجلس الأمة”، وذلك بعد إقرارهما من اللجنة المشتركة (6+6) بعد عدة اجتماعات ومشاورات في مدينة أبوزنيقة المغربية، حيث جاءت القوانين متسقة مع التعديل الدستوري رقم 13، لكن المجلس الأعلى للدولة يحاول إعادة الأزمة إلى المربع صفر دون شرعية دستورية تمنحه الحق في ذلك التغول على صلاحيات البرلمان.

أعلن المجلس الأعلى للدولة وهو “مجلس استشاري” رفضه للقوانين الذي شارك في صياغتها عبر ممثلين عنه في لجنة (6+6) في مفارقة غريبة، ليس لها تفسيرا منطقيا باستثناء إصراره على عدم ترشح “مذدوجي الجنسية والعسكريين”، بينما لايقدم بديلاً دستورياً حول مواد الخلاف يرضي السواد الأعظم من الشعب الذي يكافح من أجل الوصول إلى صناديق الاقتراع وأبداء رأيه بحرية كاملة وضمانات تحفظ له ديمقراطية الاختيار الحر والتبادل السلمي للسلطة.

ولم يكتفي المجلس الأعلى للدولة برفض القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية صاحبة الحق الأصيل في صياغة القوانين وإقرارها، لكنه إقالة الممثلين عنه في اللجنة المشتركة (6+6) مكتفيا بالقول إنه “يتمسك بمخرجات اللجنة المشتركة (6+6)”، الذي رفض القوانين الصادرة عنها في الأساس دون إبداء أسباب منطقية تستوجب إعادة النظر في القوانين.

مجلس النواب بدوره أحال القوانين الانتخابية إلى المفوضية العليا للانتخابات للبدء في تنفيذها من خلال وضع إطار زمني لإجراء الانتخابات، بينما تظل الخطوة الأخيرة تشكيل حكومة موحدة تشرف على تنفيذ الاستحقاقات الدستورية وتنهي الانقسام المؤسسي المتمثل في وجود حكومة في الشرق وأخرى في الغرب واحدة تحظى بشرعية نيابية وأخرى تحظى بشرعية دولية، وحتى اللحظة لا يبدو أن مجلس النواب قادر على تنفيذ تلك الخطوة في ظل العراقيل التي يمارسها المجلس الأعلى للدولة الخاضع لسلطة الأمر الواقع في طرابلس.

وينص التعديل الدستوري رقم 13 في المادة رقم 34 بشأن نظام الحكم، وفق المادة الأولى على تشكيل “سلطة تشريعية” مكونة من غرفتين وسلطة تنفيذية يترأسها رئيس منتخب مباشرة من الشعب، وتشكل السلطة التشريعية تحت مسمى “مجلس الأمة” وتتكون من غرفتين؛ الأولى هي “مجلس النواب” يكون مقره بنغازي، والغرفة الثانية هي “مجلس الشيوخ” ويكون مقره طرابلس.

وبخصوص السلطة التنفيذية يترأسها رئيس منتخب مباشرة من الشعب يكلف رئيسًا للوزراء أو يقيله. ويحدد التعديل اختصاصات السلطة التنفيذية ومهامها وطريقة مساءلتها ومحاسبتها. ونصت المادة (31) من التعديل الدستوري على حكم انتقالي بشأن انتخابات مجلس الأمة ورئيس الدولة والتي تنص على أن تجري العمليتان خلال مدة أقصاها 240 يومًا من دخول قوانين الانتخابات حيز التنفيذ، وفي حال تعذر إجراء الانتخابات الرئاسية لأي سبب كان تعتبر كل الإجراءات المتعلقة بالعملية الانتخابية كأن لم تكن.

ويفترض قبل ذلك بحسب التعديل أن يجري تشكيل لجنة من 12 عضوًا بواقع 6 أعضاء من مجلس النواب ومثلهم من مجلس الدولة للتوافق بأغلبية الثلثين من أعضاء كل مجلس لإعداد قوانين الاستفتاء والانتخابات، وفي حال عدم التوافق على النقاط الخلافية تضع اللجنة آلية لاتخاذ قرار بشأنها يكون نهائيًا وملزمًا وتحال إلى مجلس النواب لإقرار القوانين وإصدارها كما توافق عليها دون تعديل.

وبالرغم من تفسير مواد الإعلان الدستوري لصلاحيات اللجنة المشتركة (6+6) بخصوص صياغة القوانين وصلاحيات مجلس النواب في إقرارها منفردا لايزال المجلس الأعلى للدولة يعطل إجراء الانتخابات النيابية والرئاسية في ليبيا ويعيق حلم الليبيين في الوصول إلى صناديق الاقتراع، دون تقديم ثمة حلول تنهي تلك الأزمة القائمة منذ 2011.

زر الذهاب إلى الأعلى