مقالات الرأي

ربيعهم وليس ربيعنا !

عبد الله الربيعي –

ما أن ينتهي شهر يناير ويأتي من بعده شهر فبراير إلا ويذكرنا بما يسمى ثورات الربيع العربي !! التي انطلقت شرارتها في مدينة سيدي بوزيد بتونس بعد أن أحرق البوعزيزي جسده بالنار انتحارا واحتجاجا على بؤسه وعلى طرده من مزاولة البيع على الطرقات حيث كانت المنطقة برمتها تقع على صندوق بارود متفجر، ولا تحتاج إلا من يشعل عود ثقاب لتشتعل النار في أوصال المنطقة برمتها وتحرق الأخضر واليابس، ولم يكن في خلد الشعوب البسيطة أن هناك من ينتظر الفرصة المواتية ليصب الزيت على النار ويوجه اتجاه هذه النيران المشتعلة لمصلحته وليس لمصلحتها كما كانت تريد وتطمح فمن اليوم الأول وبعد انهيار سدود الدولة المهترئة تدخل الغرب الاستعماري بكل أدواته التي تم إعدادها مسبقا ولم يخطر على بالنا ما كان يخطط ويرسم في الخفاء، فتم تدريب الأفراد والجمعيات وإعداد قيادات الشغب والشعارات والمطالب وكيفية مقاومة قوات الأمن واستخدام وسائل الإعلام من فضائيات وشبكة التواصل الاجتماعي العنكبوتية لتأجيج الرأي العام المحلي والدولي وشل قوة الخصم المستهدف وعزله وشيطنته ووصفه بكل الأوصاف التبخيسية والدونية وإلصاق كل التهم والجرائم به وشل قدرة معاونيه وأجهزة الدولة المختلفة حتى يتم تنفيذ المخطط بحذافيره هذه المرة تحت شعار مستورد ثورات الربيع التي وصفت بالعربي امتدادا للثورات الملونة التي نفذها الغرب الليبرالي المنتصر في الحرب الباردة في شرق أوروبا بداية من بولندا مرورا بانهيار جدار برلين وصولا إلى جمهوريات الاتحاد السوفيتي وأعتاب موسكو نفسها . ثورات الشعوب أو الربيع مستنبطة من ربيع الأمم أو ربيع الشعوب أو الثورات الأوروبية عام 1848 ومن ربيع براغ عام 1968 الذي تم إجهاضه بقوات الاتحاد السوفيتي يومئذ فالاسم والشعار مستورد ومعلب والأفراد والقيادات والجمعيات والأحزاب تم إعدادها وتدريبها مسبقا، فهذا الصريبي سراديا بوبو فيتش المشارك في تأسيس منظمة كانفاس الصربية الداعمة للحركات الديمقراطية ( وهذه منظمة سخرت لتدريب الناشطين والحقوقيين وجمعيات المجتمع المدني في بلغراد بدعم أمريكي لعدد من الشباب على قيادة أعمال التمرد وقيادة المظاهرات وكيفية مقاومة أجهزة الأمن وعلى الاتصال والتواصل ورفع الشعارات الرنانة وتزييف الأحداث والوقائع يصرح لوكالة فرانس برس” أن فشل ثورات الربيع العربي سببه أنها انطلقت من الخارج إلى الداخل، وأن النجاح يتحقق عندما يأتي التغيير من الداخل رؤية وقيادة وإعدادا وأفكارا … وقال بالحرف يجب أن تكون “وطنية”، وهو ما كان غائبا . ويقول اليكس بيك المدير في مجلس الأمن القومي الأمريكي في إدارة أوباما إنه “لم يكن هناك من صلة بين الناشطين في سوريا والفصائل المسلحة وشكل بناء الجسور بين الطرفين محور تركيز رئيسي للدبلوماسية الأمريكية لسنوات ولم ننجح في نهاية المطاف” . وهذا الدكتور البرادعي الوجه المدني إلا مع أحد قادة ثورات الربيع العربي !! يقول كنا نعلم ماذا فعلنا لا ما نريده، لم يكن لدينا الوقت لمناقشة حتى ما يجب أن يبدو عليه اليوم التالي كنا أشبه بمن هو في حضانة أطفال عليه الانتقال منها مباشرة للجامعة . وهذا ساركوزي الرئيس الفرنسي يقول إن المخابرات الفرنسية من حددت يوم 17 فبراير الإعلان الثورة في ليبيا للإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي ولم يكن للثوار الليبيين من دور إلا إرسال الإحداثيات وأخذ الصور على بقايا آليات الجيش المدمرة والمحروقة، ويقولون المهم الطاغية مات ولعل تسريبات بريد هيلاري كلينتون ودورها في قيادة الفوضى في الشرق الأوسط ودور قطر وقناة الجزيرة ودور ما يسمى بالحركات الإصلاحية وحركات المعارضة للحكومات والأنظمة التي يحتضنها الغرب في كل الذي حصل في المنطقة وأن ما تحقق من فوضى ونهب وعبث تكون الإجابة الشافية على أن ما سمي بالربيع العربي، ربيعهم ربيع الغرب وأذنابه وليس ربيعنا نحن الشعوب فربيعنا نعرفه بسيماته وقسماته وتجذره وأصالته بأمطاره أمطار الخير والبركة التي يتفاءل بها آباؤنا وأجدادنا وتغنت به الجدات والأمهات وأخواتنا البنات بنسماته وأزهاره ومحاصيله التي أينعت ثمارا وتنمية وتحولات عميقة في الوعي والثقافة والعلوم والإنجازات المادية والمعنوية من طرد الاستعمار من السويس وطبرق والملاحة والوطية وبنزرت وتحرير الجزائر بعد 132 سنة من الاستعمار الاستيطاني الفرنسي وتحرير الجنوب العربي من النفوذ البريطاني وبناء التنمية الشاملة من خلال السد العالي والنهر الصناعي العظيم ومشروعات السدود والطرق والصناعات المختلفة والجامعات والمعاهد العليا، ومن مكافحة الأمراض المستوطنة ومن الحد من الفقر ومكافحة الجهل والأمية التي كانت تكبل شعوبنا وأمتنا وتركتها فريسة للاستعمار وأذنابه وحلفائه المحليين والإقليميين الذين انتصروا أخيرا ورجعوا بنا القهقري إلى أربعينيات القرن العشرين حيث الفوضى والاستعمار وحكم الانتداب والوصاية وحكم العائلات الرجعية التابعة، وتراجعت الطموحات والآمال من خلق التنمية والتطور والتحديث وتحقيق مستويات متقدمة من الحياة الكريمة إلى القيام من جديد بخوض حروب التحرير الوطني وخوض المعارك الكبيرة وتقديم التضحيات من أجل إعادة بناء الدولة الوطنية وتحقيق الاستقلال والسيادة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى