مقالات الرأي

أنا ليبي.. أنا سعيد

عفاف الفرجاني

كنت دائما متفائلة بالأرقام الفردية حتى ظننت وأنا في حالة نشوة وتفكير أن سنة 2023 ستكون سنة الاستقرار في بلادي، أمنيا وسياسيا واقتصاديا، العام كان يوشك على الانتهاء وأنا في حالة ترقب، وبدأ عام 2024 في مطلعه مكرِّرا نفس الإصدار السنوي للوضع الليبي للسنوات التي قبله، حيث يستمر الفساد ومعه أعمال العنف والانقسامات السياسية والعسكرية، لكن لا علينا من ذلك، هذا المشهد متكرر، لكن كلمة حق لا يراد بها باطل كانت هناك أشياء أكثر اختلافا لم يعهدها الليبيون في 2023، هناك مدينة كاملة ابتلعت بسكانها الذين يقدرون بالآلاف ضربها الإعصار وجرفها السيل وابتلعهم البحر، حيث منسوب الفساد الإداري زاد وتشبع وطفح على السطح، ومع هذه الفاجعة لم تقصر حكومة الدبيبة فقد دعت لهم بالمغفرة والرحمة، ولا تزال تنقب في ملف المتورطين لعلهم ليسوا متورطين.
في سنة 2023 أسعدتنا وزارات الحكومة حيث حملت لنا تباشير الأمل الجديد بعودة البلاد إلى حظيرة الدول الطبيعية، وإلى محيطها العربي نتيجة زيارات مشاهير التيك توك وأرتيستات العرب، ووسط هذه البهجة تولدت لدي حالة من التفاؤل الحذر من أن القائمين على بلادنا وأولياء أمرنا وسط حالة الاضطرابات وعدم الثبات أن يستجلبوا لنا بعضا من نجوم المثلية، إلا أن هناك بعضا من القلق انتابني حين قالت ميلوني في تصريح للصحافيين “ليبيا أولوية بالنسبة لإيطاليا، ولاستقرار البحر الأبيض المتوسط وللأمن الإيطالي للتحديات الكبرى التي تواجه أوروبا، مثل أزمة الطاقة”، معبرة عن رغبتها في المساهمة في ضمان “استقرار” الوضع السياسي في البلاد.
إلا أن رئيس الحكومة عبدالحميد دبيبة بدد هذا القلق وكان إنسانا بمعنى الكلمة طمأن الشعب الليبي بأن حقه محفوظ وهذه الاتفاقية تصب في صالحه ومن جهة قاسم الشعب الإيطالي قلقه حيال مستقبله المهدد بظلام، ولم يعتبر الرئيس أن مساعدة إيطاليا هي نوع من إقحام قوت الليبيين في مشاعر مرهفة تجاه العزيزة ميلوني، وكانت صفقة العام فقد وقعت المؤسسة الوطنية للنفط على اتفاق تطوير حقلي غاز قبالة السواحل الليبية باستثمارات تقدر بثمانية مليارات دولار، هذه الصفقة التي كانت مقررة وفق شروط كان قد حددها النظام السابق تخدم ليبيا على المدى الطويل، إلا أن الدبيبة سارع بالصفقة خوفا على مستقبل إيطاليا، ليمنحها لمدة ثلاث سنوات، على الرغم من إعلان القوة القاهرة ومطالب المحتجين الذين يحاولون إيقاف رئيس المؤسسة ورئيس الحكومة عن عملهم الإنساني.
لم تتوقف حكومتنا الرشيدة عن إتحافنا في منتصف السنة حيث قامت بتوقيع اتفاق طاقة مع تركيا، يخص عمليات التنقيب على الغاز والاستثمار النفطي، أسعدتنا حينها زيارة جاويش أوغلو وزير الخارجية، والدفاع خلوصي أكار، ووزير الطاقة والموارد الطبيعية، كانت سنة الشهرة والمال الوفير، ليس لنا طبعا، بل لأحبابنا وأصدقاء ليبيا، ولن أنسى موقف الحكومة الوطنية مع الوفد الإسرائيلي في روما، وزيرة الدبيبة في 2023 لم تدخر جهدا، بل رسمت خطا عريضا للتطبيع مع الكيان الصهيوني، طبعا كله ضمن تحسين صورة ليبيا خارجيا، إلا أن المنقوش (وسعت منها) قام رئيسنا الفذ بطردها من الوزارة صباحا واستقبلها على بوابات فلل حي الأندلس ليلا.
ختاما كانت سنة مال واتفاقيات وشهرة بامتياز.

زر الذهاب إلى الأعلى