مقالات الرأي

في الديمقراطية

ناصر سعيد

كتب المرحوم الدكتور إبراهيم أبو خزام في كتابه “شروط الديمقراطية” (إن الديموقراطية، أفضل أشكال الحكم، فالخيار بين الديمقراطية وغيرها من أشكال الحكم أصبح محسوماً، فمنذ ما يقرب من ثلاثة قرون عادت الديمقراطية من جديد لتؤكد أنها الاختيار الأمثل، وحتى في اللحظات التاريخية المفعمة بالشك والاضطراب لم تتزعزع قيمة الديموقراطية ولم تهتز قناعة دعاتها، فمنذ الثورتين الأمريكية والفرنسية أواخر القرن الثامن عشر، تم التأكد من أن الإنسانية اختارت هذا الطريق).
وهنا يمكن أن نؤكد أن كل أدوات الحكم والأنظمة السياسية في العالم واجهت انتقادات عميقة واعتراضات شعبية عنيفة بحثا عن آليات لتحقيق مطالبهم في الحرية وتحديد مواقفهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية من كل الأحداث وما يجري حولهم محليا وخارجيا بإرادتهم الحرة.
إن التجربة الليبية السابقة بعنوان سلطة الشعب أرست واقعا سياسيا جديدا، وحققت المشاركة الواسعة، وبذلك قدمت حلولا جذرية وحتمية للمشاكل التي واجهت الشعوب في كل جوانب الحياة، وربما من الناحية الواقعية اختلف الأمر في التطبيق بعض الشيء، فقد مارس البعض مخالفات تمثلت في سوء الإدارة والضعف في تنفيذ إرادة المؤتمرات الشعبية عن قصد أو جهل، كما أن العثرات والصعوبات التي مر بها نظام سلطة الشعب هي نتائج الوضع الثقافي المحلي والتحديات الخارجية، وأيضا نتيجة حداثة التجربة الجماهيرية والتركة التاريخية للبلد، ومع هذا قاد نظام سلطة الشعب بنجاح باهر أهم مرحلة تنموية وسيادية في التاريخ الليبي.
لم تكن التجربة الليبية “الديمقراطية المباشرة” اختراعا ليبيًّا، بل كان صياغة لنضال وكفاح الشعوب وتضحياتها عبر التاريخ للوصول للسلطة، وكان لليبيين الشرف في تجربتها في العصر الحديث مع التمسك بثوابتها في عدم النيابة ونبذ التمثيل وحكم الأثرياء وتوارث الملكيات باسم الملك المنزه والقطيع المطيع، وقول البعض بأن الانتخابات تعكس الممارسة الديمقراطية، رغم أهميتها، إلا أنها قد تفرز أشخاصا غير مؤهلين أو جادين في تحمل المسؤولية، وفى النهاية هؤلاء يمثلون أنفسهم ومصالحهم ولا يهتمون بمصالح الناس.
إننا اليوم أمام لحظة تاريخية حاسمة في مسيرة شعبنا ومستقبل وطن وأجيالنا القادمة، لذا وجب الوقوف في صفوف الوطن وتجاوز كل الخلافات والتصدي للدفاع عن سيادة ليبيا وحرية شعبها وكرامته ونيل شرف الإسهام في تضميد جراح شعبنا وإزالة آثار الغزو ووأد الفتن وإعادة انطلاق ليبيا خالية من الإرهاب والقمع والظلم، يتعايش الناس في مناخ من الوئام والمحبة، مستقلة آمنة لا يتدخل أي كان في شؤونها ولا يتمكن أعداؤها من نهب ثرواتها، ولنحمل جميعا معاول البناء لنعمر ليبيا بأيدينا القوية وقلوبنا الصافية ونعيدها دولة الأمن والرخاء.
وختاما ما نود قوله إنه لا يمكن أن يحدث استقرار إلا بالشعب وبإرادة الشعب.

زر الذهاب إلى الأعلى