هيومن “رايتس ووتش” تطالب السلطات اللبنانية بالإفراج الفوري عن هنيبال القذافي
قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إنه يتعيّن فورا على السلطات اللبنانية إطلاق سراح هانيبال معمر القذافي، المحتجز احتياطيا بتهم ملفقة منذ اعتقاله في ديسمبر 2015.
وكانت قوى الأمن الداخلي في لبنان التي تشرف على عمليات السجون، قد اعتقلت هنيبال القذافي في ديسمبر 2015، بتهم غير واقعية.
قالت حنان صلاح، المديرة المساعدة لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في “هيومن رايتس ووتش” إن الاحتجاز التعسفي المفترض لهانيبال القذافي بتهم ملفقة بعد إمضائه ثماني سنوات في الحبس الاحتياطي، يثير السخرية من النظام القضائي اللبناني الضعيف أصلا، مضيفة أن السلطات اللبنانية استنفدت منذ فترة طويلة أي مبرر للاستمرار في احتجاز القذافي وينبغي لها إسقاط التهم والإفراج عنه.
وكتبت “هيومن رايتس ووتش” في يوليو 2023 بشكل منفصل إلى اللواء عماد عثمان، المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللبنانية، وإلى القاضي زاهر حمادة، المحقق العدلي المسؤول عن القضية، تطلب معلومات تفصيلية عن الوضع القضائي للقذافي وصحته، لكنها لم تتلقَ أي رد.
وقال المحامي لـ “هيومن رايتس ووتش” إن القذافي بدأ إضرابا عن الطعام من يونيو إلى أكتوبر احتجاجا على استمرار احتجازه التعسفي وكذلك ظروف الاحتجاز التي نتج عنها خسارة شديدة في وزنه ودخوله المستشفى بشكل متكرر.
وتدهورت أوضاع السجون في لبنان بشدة منذ إنزلاق البلاد إلى أزمة اقتصادية خطيرة في 2019. تشمل الظروف عدم ملاءمة الخدمات الصحية، وعدم كفاية الغذاء ورداءته، والاكتظاظ الشديد الذي تعزوه السلطات إلى زيادة معدلات الجريمة وبطء إجراءات المحاكمة وعدم قدرة العديد ممن قضوا أحكامهم على دفع الرسوم المطلوبة للإفراج عنهم.
واختطف مسلحون مجهولون القذافي في 2015 في سوريا قرب الحدود اللبنانية بعد أن جرى خداعه ليعتقد بأنه سيجري مقابلة مع إحدى الصحف، بحسب تقارير. بدل ذلك، نقله المسلحون إلى لبنان، حيث عذبوه وطالبوه بمعلومات عن اختفاء الإمام الصدر وطلبوا فدية، وفقا لمحاميه. كان القذافي يعيش في سوريا مع عائلته بعد خروجه من ليبيا بداية الأحداث التي وقعت 2011.
وحررت السلطات اللبنانية القذافي من خاطفيه، لكنها بحسب تقارير اعتقلته بعد أيام وأبقته محتجزا لدى “شعبة المعلومات” التابعة لقوى الأمن الداخلي بعد إصدار القاضي حمادة مذكرة توقيف اتهمه فيها بإخفاء معلومات حول اختفاء موسى الصدر. اتُهم القذافي رسميا في 2016، على ما يبدو استنادا إلى تقارير تفيد بأنه كان يعرف مكان احتجاز الصدر بين 1978 و1982. نفى القذافي ومحاميه هذا الادعاء.
في 2018، حكمت إحدى المحاكم على القذافي بالسجن 15 شهرا في قضية منفصلة بتهمة “تحقير” القضاء اللبناني، فضلا عن منعه من السفر لمدة عام.
زعمت السلطات اللبنانية أن هانيبال القذافي قدّم إفادة خطية أثناء احتجازه تتضمن معلومات عن الاحتجاز المزعوم للصدر ومساعديه في ليبيا بعد اختفائهم، لكن نفى محامي القذافي هذه الادعاءات في 2022، مشيرا إلى أن القذافي أُجبِر على توقيع الوثيقة تحت الإكراه، ودون حضور محام.
لم تنشر السلطات اللبنانية طوال فترة سجن القذافي سوى معلومات شحيحة حول وضعه القضائي والأساس القانوني لاحتجازه المستمر. لا يزال من غير الواضح من هي الجهة القضائية التي توافق رسميا بشكل دوري على استمرار احتجازه، وعدد مرات مثوله أمام القاضي.
في يناير/كانون الثاني 2019، طلب وزير العدل اللبناني آنذاك سليم جريصاتي من رئيس “هيئة التفتيش القضائي”، وهي الهيئة المسؤولة عن الإشراف على القضاء وعمل القضاة في لبنان، تقييم ما إذا كان استمرار احتجاز القذافي دون محاكمة لا يزال مناسبا من الناحية القضائية، لكن لم يُعلَن عن النتائج. شككت السلطات الليبية أيضا في أغسطس/آب 2023 في شرعية احتجاز القذافي وقالت إن على السلطات اللبنانية إطلاق سراحه والسماح له بالعودة إلى عائلته في سوريا، لكن السلطات اللبنانية لم تردّ.
بموجب القانون الدولي، يخضع الاحتجاز لإجراءات واجبة صارمة، وتحديدا إبلاغ الشخص بأسباب اعتقاله، وإسناد الاحتجاز إلى قانون محلي واضح، وتقديم الشخص فورا أمام القاضي وتوجيه التهم إليه أو إطلاق سراحه، وتوفير حكم قضائي بشأن شرعية احتجازه، ومنحه الحق في محاكمة سريعة أو إطلاق سراحه، وتوفير فرص منتظمة للطعن في شرعية الاحتجاز طويل الأمد. عدم احترام هذه الضمانات الإجرائية يجعل الاحتجاز تعسفيا. بموجب القانون الدولي، ينبغي أن يكون الاحتجاز السابق للمحاكمة هو الاستثناء وليس القاعدة.
تنص المادة 9 من “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان” على أنه “لا يجوز اعتقال أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفا”. تنص المادة 9 من “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”، الذي صادق عليه لبنان عام 1972، على أنه “لا يجوز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون وطبقا للإجراء المقرر فيه”.
قالت صلاح: “ندرك أن الناس يريدون معرفة ما حدث للإمام الصدر، لكن من غير القانوني إبقاء شخص رهن الاحتجاز الاحتياطي لسنوات عديدة لمجرد ارتباطه المحتمل بالشخص المسؤول عن ارتكاب الخطأ”.