الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الصيغة السلمية الامثل لتعايش فلسطيني إسرائيلي مشترك
بقلم مارتن زيغويلي
رئيس وزراء جمهورية أفريقيا الوسطى السابق
نائب ورئيس حزب حركة تحرير شعب أفريقيا الوسطى
في صباح يوم 7 أكتوبر 2023، استيقظ العالم بأسره، مرة أخرى، على بداية مواجهة جديدة سرعان ما أصبحت حربا عنيفة للغاية ين إسرائيل وحماس، التنظيم السياسي العسكري الفلسطيني الذي يسيطر على قطاع غزة، الذي يشكل مع الضفة الغربية والقدس الشرقية أراضي فلسطين.
وتعرض هذه الحرب، التي تحظى بتغطية إعلامية واسعة في عالم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، كل يوم، مشاهد الدمار الهائل الذي لحق بالأرواح البشرية والممتلكات العامة والخاصة، مصحوبا بأخذ الرهائن للنساء والأطفال والشيوخ على حد سواء.
وبالمثل، ظهرت المواقف متتالية وتم الفرز في غضون وقت وجيز، وأفرز معسكرين متعارضين بشكل أساسي في تحليل هذه الحرب الجديدة وحتى حلول أقل لإحلال السلام.
وبصفتي من مواطني أفريقيا الوسطى وقارة أفريقيا والاتحاد الأفريقي ومن الأفارقة التقدميين، فإن رغبتي في تحقيق سلام نهائي ودائم في أرض إسرائيل وفلسطين هذه لا شك فيها. فلقد اختار بلدي، جمهورية أفريقيا الوسطى، تنفيذ مبدأ الدولتين، هما دولة إسرائيل ودولة فلسطين، تعيشان في وئام لحماية مصالح الشعب الفلسطيني والشعب الإسرائيلي. ولهذا السبب اعترفت جمهورية أفريقيا الوسطى بدولة فلسطين في 23 ديسمبر 1988، كما اعترفت 138 دولة من أصل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة حتى الآن.
وأعرب الاتحاد الأفريقي، من خلال رئيس مفوضيته، موسى فقي محمد، في بيان صحفي، عن قلقه العميق إزاء اندلاع الحرب الإسرائيلية – الفلسطينية مع ما يترتب على ذلك من عواقب وخيمة جدا على أرواح المدنيين الإسرائيليين والفلسطينيين وعلى السلام في المنطقة. وأشار إلى أن إنكار الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني، ولا سيما دولة مستقلة وذات سيادة، هو السبب الرئيسي للتوتر الإسرائيلي الفلسطيني الدائم. كما وجه نداء عاجلا إلى كلا الطرفين لوضع حد للأعمال القتالية العسكرية والعودة، دون شروط، إلى طاولة المفاوضات لتنفيذ مبدأ وجود دولتين تعيشان في وئام من أجل حماية مصالح الشعب الفلسطيني. والشعب الإسرائيلي. ودعا أخيرا المجتمع الدولي والقوى العالمية الكبرى على وجه الخصوص إلى تحمل مسؤولياتها في فرض السلام وضمان حقوق الشعبين.
تجدر الإشارة أولا إلى أن التحول الدلالي من مصطلح “الأزمة الإسرائيلية العربية” إلى مصطلح “الإسرائيلي الفلسطيني” يشير إلى المسار الذي تم السير فيه منذ عام 1948 ، عندما كانت فكرة الساعة هي تدمير إسرائيل، بينما نحن حاليا في وضع تعترف فيه العديد من الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية بدولة إسرائيل وحقها في الوجود.
إن هذا التطور النوعي في موقف الدول العربية هو ما نود أن نراه ينعكس في الاعتراف أيضا بدولة فلسطين، وخاصة الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، صاحبة حق النقض (الفيتو) والتي تعارضه حتى يومنا هذا، بينما تقول إنها معنية بالسلام.
وتجدر الإشارة أيضا إلى أنه في عام 2013، صوتت البرلمانات الأوروبية والبريطانية والفرنسية لصالح الاعتراف بالدولة الفلسطينية، دون أن تتبع حكوماتها ذلك.
عدم الاعتراف بفلسطين كدولة من قبل الأمم المتحدة، ولكن “كدولة مراقبة غير عضو” منذ نهاية عام 2012 ، بإرادة القوى العظمى التي تستخدم بشكل منهجي حق النقض لمنع هذا التطور الحاسم في حل هذه الأزمة ، يبعث الكثير من القلق بشأن الوضع الدائم وتفاصيل الحل النهائي الذي نرى أن جولة الحرب الراهنة تهدده بشكل جدي وربما قد قبرته نهائيا. فما هي الخيارات التي قد يلجآ إليها المجتمع الدولي لحل هذه النزاع الطويل؟ فإسرائيل بقوتها المدمرة تفعل كل شيء للقضاء على خصومها، والخصوم لا يدخرون جهدا لإيذاء الاسرائيليين وإفشال حربهم على مدينة غزة وسائر أرض فلسطين.. فما هي فرص إحلال السلام ألدائم؟ هل سينج احد المتحاربين في إلغاء الآخر وطرده أو شطبه من المعادلة؟
إن الإرادة السياسية الحقيقية للقوى العظمى لحل ما يجب أن يسمى الدراما الإسرائيلية الفلسطينية يجب أن تتجلى في تصويتها على قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بشأن مبدأ الدولتين الإسرائيلية والفلسطينية اللتين تعيشان جنبا إلى جنب، مع ضمانات أمنية لجميع الدول في المنطقة.
إن رفض قبول هذه الأدلة يرقى إلى القبول بأن مصدر الأزمات هذا لن ينطفئ أبدا وسيتجدد من جديد في بعض الأحيان، لأن استخدام القوة وحده منذ عام 1948 لم يجلب السلام حتى يومنا هذا في هذه المنطقة.
ولأن المجتمع الدولي لم يتوصل على مدى عقود الى فرض حل تقليدي للصراع، ويجد مشكلة كبيرة في التعامل مع فائض القوة الإسرائيلي ومع التداعيات السياسية والإنسانية للمأساة. فإنه من الضروري في تقديري الاشتغال على مخارج مستدامة وحلول قابلة للتنفيذ، اعتقد أن اهمها وأكثرها جدية هي إطلاق فكرة الوطن الواحد، والدولة العلمانية الفدرالية الجامعة للعرب واليهود معا، على أن تكون شاملة للجميع، وتضمن حقوقهم في ممارسة الشعائر والعبادات، وتنظيم حياتهم اليومية على النحو الذي ينسجم مع دينهم وخصائصهم الحضارية.
وفي هذا الصدد، يحضرني هنا المقترح الي سبق أن تعرض إليه الزعيم الراحل معمر القذافي، وهو صيغة الدولة الاسرائيلية –الفلسطينية الجامعة العابرة للانتماء الديني والطائفي والعرقي، والتي تنتهي بها الخلافات ويغادر الإقليم مربع الفوضى وعدم الاستقرار والحروب المتناسلة.
إسراطين، كما سماها القذافي كيان دولة عابرة للانتماء العرقي والطائفي والجهوي والديني نحو إطار عيش قانوني يحمي العيش المشترك ويحصن حقوق الجميع في إطار احترام لسيادة القانون.