إدارة التوحش وتمديد الوصاية
ناصر سعيد
يعيش العالم فوضى عارمة هزّت موازين القوى الدولية، وطالت كافة القوانين، ومسّت القيم الإنسانية، حيث القتل والتدمير مصحوبا بالتهريج والكذب وادعاء الدفاع عن النفس الذي تقوده آلة الموت الأمريكية الغربية الصهيونية في منطقة الشرق الأوسط لقتل وإبادة الشعب الفلسطيني صاحب الحق في الدفاع عن حياته وأرضه الذي يدّعون أنه معتدٍ وإرهابي لتبرير جرائمهم البشعة والاحتلال لأكثر من سبعة عقود، فالمنطق والعقل والشرائع السماوية والقوانين والقرارات والدولية تقول لا حق لدولة الاحتلال في الدفاع عن نفسها، وكما قال مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا.
وفي ظل استمرار الدعم الكامل سياسيا وعسكريا من قبل أمريكا ودول الناتو يتبجح الصهاينة بأن كل الخيارات أمامهم مفتوحة لإبادة الشعب الفلسطيني وتهجير من تبقى منهم إلى خارج فلسطين، إلا خيار إيقاف الحرب فإنه غير مطروح لحين الانتهاء من إبادة حركات المقاومة، بينما إيقاع صوت المعركة يؤشر إلى فشل الهجمة البرية الصهيونية الغاشمة على غزة أمام صمود وصلابة المقاومة الشعبية المسلحة رغم عدة وعتاد العدو المدعوم غربيا.
ومن الشرق الأوسط ننتقل إلى شمال إفريقيا حيث ليبيا واللعبة السياسية والدبلوماسية الباردة التي تديرها الأمم المتحدة، يستمر المبعوث الأممي باتيلي في إدارة الأزمة الليبية، وقد حظي بتمديد ولايته لسنة أخرى.
إن هذا التمديد يعني استمرار المرحلة الانتقالية والدوران في حلقة مفرغة لبيع الكلام السياسي المعسول وسط اجتماعات ولقاءات متكررة هنا وهناك، للحديث عن القوانين الانتخابية وإقامة الانتخابات الرئاسية والنيابية في أقرب وقت ممكن بعد تشكيل حكومة موحدة وتوحيد المؤسسات وربما إلى حين الاتفاق على دستور للبلاد والتوافق على النقاط الخلافية “خرافة أم بسيسي”.
تحفظ كبير على أداء السيد عبدالله باتيلي، يتمظهر في حالة الجدل والانقسامات السياسية نتيجة الاستياء من غياب حلول حقيقية للأزمة، في حين نجده يتدخل في شؤون خارج العملية السياسية في محاولة لتقمص دور الأمريكي بريمر في العراق، فأصبح يفتي في كل شيء حتى في ملف إعمار درنة، رغم مطالبات لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب من مجلس الأمن الدولي بإلزام المبعوث الأممي بصلاحيات منصبه وعدم تجاوزها، إلا أن مجلس الأمن الدولي غير مبال ويحاول فقط -على ما يبدو- ملء الفراغ بالتمديد والتجميد في ظل التطورات الدولية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، حيث حرب الكيان الصهيوني على غزة والحرب الروسية مع الناتو في أوكرانيا، وهي ملفات أكثر سخونة من الملف الليبي.
وبالنتيجة فإن التمديد للبعثة لن يقدم شيئا جديدا بالنسبة للأزمة الليبية في ظل استمرار التدخل الخارجي والانقسام الداخلي الحاد بين المؤسسات التنفيذية والتشريعية، فلا السيد باتيلي يملك القدرة للخروج عن إرادة الأطراف المتدخلة في الشأن الليبي والمعرقلة لإجراء انتخابات تؤدي إلى إنتاج سلطة وطنية ومن ثم استقرار، كذلك حال الأطراف المحلية لا ترغب في الذهاب إلى إجراء العملية الانتخابية.