مقالات الرأي

غزة والدور الليبي المفقود..

عبد الله المقري

معركة غزة أنتجت مواقف رسمية وشعبية ليس على المستوى العربي والإقليمي، بل تعدت وبشكل غير معهود في السياسة الدولية، وأصابت المفاهيم الدولية بنوع من التغيرات غير المعتادة أثرت في الفهم السياسي للنزاعات المحلية والدولية، وأصبح أمام العالم مواقف لدول هي بالأساس لو في وضعها السابق لما تغيرت معطيات معركة المقاومة الفلسطينية، وكان يمكن أن تكون في صالحها وبدفع قوي يؤثر في قوة نجاحها وهزيمة العدو الصهيوني، وهذا ينطبق على وضع ليبيا من ما يجري في ظروف المعركة التي تقودها المقاومة الفلسطينية حيث إن ليبيا التي تعيش مرحلة الفوضى والصراع المقيت على السلطة والانقسام السياسي وفقدان الدولة الليبية لأي دور قد يوثر في المعركة إيجابيا ولصالح المقاومة وبما كانت ليبيا أن تقدمه من تغطية مالية ودعم تعبوي وإعلامي وسياسي، كان يمكن أيضا أن يكون فاعلا ومفصليا ضمن قدرة الدولة وموقعها البري من خلال مصر أن يتم تغيير في موازين القوى وحجم القدرة على وصول المد والمعونات المادية والأدوية والوقود وجل الاحتياجات بالإضافة إلى التأثير في وصول الدعم الغربي من خلال دول جنوب البحر المتوسط وجانب مهم كان يمكن أن يزيد من صلابة المقاومة الفلسطينية، سيما الدعم الإفريقي والدولي من قبل القوى الداعمة للقضية الفلسطينية.
لقد فرضت معركة غزة وكامل التراب العربي الفلسطيني مسارات جديدة عربيا ودوليا صاحب ذلك حشد غربي قوي بقيادة أمريكا لم تشهده المنطقة منذ عاصفة الصحراء بغزو العراق في القرن الماضي، ولم تفقد ليبيا دورها في هذه العملية غير المتوقعة، بل أصبحت ليبيا شبيهة ما يجري في فلسطين المحتلة، وهي فعلا تعاني انقساما سياسيا واحتلالا أجنبيا في الغرب من خريطتها حيث تعتبر مدينة مصراتة نقطة تمركز قوات إيطالية وأمريكية وتركية والامتداد الغربي الذي يمر بالعاصمة طرابلس في واقع احتلال للقوات الأجنبية التركية والأمريكية وجيوش من المخابرات الغربية ومن المرتزقة التركمان والسوريين الوجه البارز للوجود التركي الاستعماري الذي يدير شكل الاحتلال في ظل عصابة سياسية كانت قد التحقت بدول الخليج في التطبيع لولا مقاومة الشعب الليبي لهذه العملية التي لم تتمكن من تحقيق أهدافها، وهكذا يقود الليبيون معركة تحرير بلادهم ومعركة المشاركة الشعبية لدعم المقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني، وينسب لمجلس النواب الليبي أنه كان في مستوى الموقف.
اليوم معركة الشعب الفلسطيني لتحرير أرضه من الوجود الصهيوني الذي أصبح في حالة الهزيمة أمام ضربات المقاومة الشرسة في دك حصونه، وأصبحت المدن الفلسطينية المحتلة تحت رحمة هجمات الصواريخ والطائرات المسيرة، ولم يتمكن العدو من تحقيق خططه بالغزو البري لغزة برغم الدعم الغربي من العتاد والأسلحة النوعية ذات القوة التدميرية، وبرغم من القصف الصاروخي والتدمير الشامل على غزة والمناطق القريبة منها فإن قدرة المقاومة وصبر الشعب الفلسطيني على الخسائر في الأرواح والمستشفيات والأملاك والمؤسسات فإنها معركة وجود ضد عدو عنصري وضد غرب همجي.

زر الذهاب إلى الأعلى