هل ستجد قرارات مجلسي “النواب والدولة” طريقها للتنفيذ في ظل الحكومة المفروضة من الخارج
رفض التهجير وطرد السفراء ووقف تصدير النفط للدول الداعمة للاحتلال
حراك شعبي وسياسي واسع في ليبيا تنديداً بجرائم العدو الصهيوني في غزة
متابعات سيد العبيدي:
تشهد ليبيا حراكا واسعا على المستويين الرسمي والشعبي، تنديداً بما يحدث في قطاع غزة الفلسطيني من مجازر وحرب إبادة جماعية يشنها الكيان الصهيوني بدعم من دول الغرب والولايات المتحدة الأمريكية، ضد المدنيين من الأطفال والنساء والشيوخ.
وفي إطار الحراك السياسي والشعبي الداعم للقضية الفلسطينية، لاسيما الحرب على قطاع غزة المحاصر منذ أكثر من 16 عاما، وما يشهده القطاع من حرب إبادة جماعية تشنها قوات الاحتلال الصهيوني بغطاء سياسي وعسكري غربي، أعلن مجلسا النواب والدولة موقفهما الرافض من هذا العدوان الغاشم وما يحدث من مجازر بحق الشعب الفلسطيني على يد العصابات الصهيونية المجرمة.
من جهته طالب مجلس النواب بالوقف الفوري للعدوان على قطاع غزة، وسرعة عقد جلسات عاجلة على مستوى القيادات للجامعة العربية والمنظمات الإسلامية والدعوة لعقد جلسة طارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة.
جاء ذلك في بيان رسمي رداً على المجازر التي يرتكبها العدو الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة المحاصر، كما طالب سفراء الدول الداعمة للكيان الصهيوني المحتل بمغادرة الأراضي الليبية فوراً.
وطالب مجلس النواب الحكومة الليبية بوقف تصدير النفط والغاز للدول المساندة لهذا الكيان، في حال عدم وقف المجازر التي يرتكبها العدو الصهيوني.
وأكد مجلس النواب رفضه القاطع لتهجير أهلنا في غزة بأي شكل من الأشكال، داعيا الشعوب العربية والإسلامية لنصرة إخوانهم في قطاع غزة بكافة السبل والوسائل.
كما أكد المجلس إدانته الشديدة لما تقوم به حكومات الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا بدعمهما للكيان الصهيوني المحتل في جرائمه على قطاع غزة.
وحيا مجلس النواب كافة شعوب العالم الحرة التي خرجت في الميادين والساحات وعبرت عن رفضها لهذه الجرائم النكراء التي تعتبر وصمة عار في جبين الإنسانية.
وقال بيان مجلس النواب إنه وفي الوقت الذي تتعرض فيه غزة لحملة إبادة جماعية من قبل العصابات الصهيونية المجرمة وفشل النظام الرسمي العربي وخاصة تيار التطبيع مع الكيان الصهيوني وعجزه عن اتخاذ موقف جريء يعبر عن إدارة الشعوب وعدم القدرة على إيصال الاحتياجات الأساسية للقطاع من الدواء والماء والغذاء والوقود.
وتابع مجلس النواب أن الاحتلال الصهيوني فرض حصارا مطبقا على سكان قطاع غزة، كما واصلت العصابات الصهيونية المجرمة عمليات القتل الجماعي الممنهج بحق المدنيين، في المقابل نرى قادة الدول الغربية التي تتشدق بحقوق الإنسان والديمقراطية وحق الشعوب في تقرير المصير وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا يهرولون لزيارة الكيان المحتل وتقديم الدعم الكامل له من أجل إبادة الشعب الفلسطيني ووأد حقه المشروع في المقاومة وبناء دولته المستقلة.
وأشار البيان إلى أن الحرب الدائرة اليوم على قطاع غزة هي حرب إبادة جماعية تقودها الولايات المتحدة الأمريكية والغرب في مواجهة شعب أعزل محاصر.
تجريم التواصل مع الصهاينة
وفي نفس السياق طالب المجلس الأعلى للدولة، بسحب سفراء ليبيا من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا، ومغادرة سفراء هذه الدول الأراضي الليبية فورا، كما طالب المجلس بقطع إمدادات النفط والغاز عن الدول الداعمة للعدوان على المدنيين في غزة إلى حين فك الحصار عنهم وإيصال المساعدات الإنسانية إليهم.
وشدد المجلس في بيان رسمي إلى ضرورة استعمال كل الموارد الممكنة لدعم الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية، ومقاطعة بضائع الدول الداعمة للاحتـلال، وإعداد مقترح قانون بشأن تجريم التعامل مع الاحتلال الصهيوني.
كما أشار إلى ضرورة إسقاط الصفة الاعتبارية عن أي مسؤول ليبي يثبت تواصله مع الكيان المحتل، وتعليق المجلس لكل المباحثات السياسية مع الدول الداعمة للعدوان إلى حين إيقافه وفتح الممرات الإنسانية لإيصال المساعدات اللازمة.
ودعا المجلس الأعلى للدولة الدول العربية كافة المصدرة للنفط والغاز إلى إيقاف تصديرها إلى الدول الداعمة للحرب على غزة وفتح ممرات لتقديم المساعدات الإنسانية لأهل القطاع.
حرمان الشركات من المناقصات
وفي سياق متصل دعا أعضاء كتلة التوافق الوطني بالمجلس الأعلى للدولة، مجلس النواب إلى إصدار قوانين عاجلة تقضي بمنع وحرمان كل الشركات الداعمة للاحتلال الصهيوني من المشاركة في المناقصات القادمة وخاصة بقطاعي النفط والغاز في ليبيا.
وقدمت الكتلة مقترح قانون بشأن مقاطعة داعمي العدوان على غزة إلى البرلمان، نصت على حظر كل شخص طبيعي أو اعتباري داخل ليبيا أو يمثلها في الخارج أن يعقد بالذات أو بالواسطة اتفاقا أو يجري تعاملا بأي شكل مع شخص يتمتع بجنسية إحدى الدول المؤيدة للحرب أو تدعم الحرب لصالح إسرائيل في غزة.
كما نص المقترح على تولي الحكومة بالتنسيق مع وزارتي الخارجية والمالية إعداد قوائم الشركات والأفراد الأجانب الذين يخضعون لهذا القانون، ويتم تحديث هذه القوائم سنويا بعد اعتمادها من مجلس الوزراء، داعيا إلى تطبيق العقوبات الجنائية المنصوص عليها في قانون مقاطعة الاحتلال.
واعتبرت الكتلة أن هذه الخطوة ستكون هي التعبير الأوضح والأمثل عن مدى التضامن الليبي على المستويين الشعبي والرسمي مع القضية الفلسطينية، آملة في أن يجد هذا الاقتراح صداه تحت قبة مجلس النواب وأن يعكس الموقف بشأنها إرادة الشعب الليبي.
وثمنت الكتلة “موقف المجلس الذي عبر عنه البيان “القوي والواضح” بشأن العدوان الغاشم الذي تتعرض له غزة وكل الأراضي الفلسطينية”.
حراك الطوفان
وفي سياق الموقف الليبي المندد بما يحدث في قطاع غزة، تشهد مدينة مصراتة هذه الآونة توترا أمنيا وانتشارا مكثفا لسيارات مسلحة تابعة للحكومة منتهية الولاية في عدة شوارع، وقرب القاعدة الجوية العسكرية، وذلك بالتزامن مع انتهاء المهلة التي منحها حراك “الطوفان” بقيادة صلاح بادي، لإخلاء القاعدة من القوات الأجنبية. ورصدت تقارير إعلامية وشهود عيان انتشار آليات عسكرية تابعة للكتيبة “24 مشاة” الموالية لحكومة الدبيبة منتهية الولاية أمام قاعدة مصراتة العسكرية الجوية، لحماية القوات الإيطالية المتواجدة داخلها، بعدما طالب حراك أطلق على نفسه “الطوفان” بقيادة صلاح بادي بخروجها من المدينة الواقعة غرب البلاد، مهدّدا باقتحام المبنى وطردها بالقوّة.
وتوّعد الحراك حكومة الدبيبة بإزاحتها من الحكم، واتهمها بالعمالة للخارج، كما طالب المجلس البلدي بالدعوة لمظاهرة عنوانها إخراج وإجلاء القوات الأجنبية من مدينة مصراتة.
وقال صلاح بادي من أمام الكلية الجوية مصراتة إن الدبيبة فاسد، وجده لم يُحارب أيام الطليان، ولم يدافع عن أهل مصراتة، ولو قبلنا بالعيش مع هؤلاء الجواسيس وهذه الحكومة الفاسدة، فلا نستحق العيش على هذه الأرض.
ووصف حراك الطوفان القوات الإيطالية والأمريكية والإنجليزية المتواجدة على أرض مصراتة بقوات الاحتلال.
وتوّعد بادي حكومة الدبيبة بإزاحتها من الحكم، واتهمها بالعمالة للخارج، كما طالب المجلس البلدي بالدعوة لمظاهرة عنوانها إخراج وإجلاء القوات الأجنبية من مدينة مصراتة.
في المقابل، أعلن حسن إبراهيم الصادق عضو المجلس البلدي مصراتة، ومسؤول الملف الأمني، في بيان له الاثنين الماضي، عن رفضهم خروج القوات الأجنبية، مشيرا إلى أنّ أعدادهم ضئيلة ولديها مهام تقوم بها.
وقال الصادق، عقب اجتماعه بقيادات عسكرية بمقر الكليّة الجويّة مصراتة، إن “تواجد القوات الأجنبية حاليا يعتبر ذا جدوى”، مؤكدّا أنّه “في حال تبين أن تواجدها يشكل خطرا سيقوم الجناح العسكري بالمدينة بإعداد تقرير بضرورة إخراجها”. وتقدر القوات الأجنبية المتواجدة داخل الكلية الجوية بمصراتة بما يزيد على 50 عسكريا إيطاليا و17 عسكريا إنجليزيا و7 عساكر أمريكان، وقد أكد صلاح بادي أنهم يقومون بالتجسس على ليبيا لصالح بلادهم.
كما شهدت العديد من المدن الليبية تظاهرات رافضة ومنددة لما يحدث في فلسطين والحرب على قطاع غزة، علماً بأن التحركات الشعبية الليبية لمناصرة الفلسطينيين هي الثانية من نوعها في غضون شهرين، بعد احتجاجات سابقة ضد حكومة الدبيبة منتهية الولاية، إثر الاجتماع “السري” بين وزيرة الخارجية المقالة نجلاء المنقوش، ونظيرها الصهيوني إيلي كوهين في روما.
تطابق موقف النواب والدولة
وكان لافتاً تطابق موقفي مجلسي النواب والأعلى للدولة بشأن حرب غزة، إذ شدد مجلس النواب على دعمه «لكفاح الشعب الفلسطيني ضد عدوان الاحتلال الصهيوني لتحرير أرضه واستعادة استقلاله. وأدان في بيان رسمي الصمت العربي والدولي تجاه دعم القضية الفلسطينية. وعلى المسار ذاته، أكد المجلس الأعلى للدولة وقوفه مع الشعب الفلسطيني، داعياً في بيان مماثل له المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته تجاه إدانة الممارسات الهمجية لقوات الاحتلال، وطالب بـ”تدخل دولي عاجل”.
دور النقابات المهنية
ولم تكن النقابات الليبية بعيدة عن المشهد التضامني، إذ أصدرت لجنة الحريات بالنقابة العامة للمحامين الليبية بياناً مقتضباً، يؤكد حق الشعب الفلسطيني في تحرير أرضه والدفاع عن كرامته بكل الوسائل الممكنة، وحثت النقابة العامة لأعضاء هيئة التدريس في ليبيا، في بيان، المؤسسات الليبية كافة على تأييد عملية «طوفان الأقصى»، ورفع العلم الفلسطيني إلى جانب العلم الليبي، وحثت أعضاء هيئة التدريس على تأكيد أن القضية الفلسطينية هي «قضية العرب المركزية في المحاضرات كافة».
وعلى الصعيد الثقافي والفني، عبّر كتّاب ليبيون عن تضامنهم مع الفلسطينيين في حرب غزة، إذ قال الأديب والمسرحي الليبي منصور بوشناف في تصريحات صحفية إن القضية الفلسطينية كانت على رأس اهتمامات ومشاغل المثقف الليبي عبر كل العقود الماضية، وظل غالبية المثقفين الليبيين، بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم السياسية والفكرية، مناصرين للشعب الفلسطيني في كفاحه ضد الكيان العنصري الصهيوني المحتل.
وأضاف بوشناق: في حرب التحرير التي أطلقتها حماس والمقاومة الفلسطينية رأينا تفاعل المثقف الليبي، ومناصرته لنهج المقاومة للتحرير الذي تسلكه حماس ضد العدو المحتل. ويرى أن أغلبية المثقفين الليبيين عدّوا هذه المعركة «الخطوة الحقيقية لاستعادة الأرض وتحريرها، وقبل ذلك إعادة الثقة بالنفس للشعوب المقهورة وكسر الحواجز، ودحض خرافة الاحتلال التي لا يقهر”.
الدبيبة يلتقي مبعوث فرنسا
وبينما تعمل مؤسسات الدولة بكل جهد في مواجهة العدوان على أهلنا في فلسطين يستقبل عراب التطبيع عبدالحميد الدبيبة رئيس الحكومة المنتهية ولايتها، المبعوث إيمانويل ماكرون، رئيس فرنسا “بول سولير”، وبحضور السفير الفرنسي لدى ليبيا مصطفى مهراج.
وكانت وزيرة خارجية الدبيبة قد عقدت مباحثات سرية مع وزير خارجية الكيان الصهيوني في إطار سياسة التطبيع التي تسعى إليها حكومة الدبيبة لضمان دعم الصهاينة من أجل البقاء في السلطة.