صامتون هنا!!
مصطفى الزائدي
مع بداية الأسبوع الرابع للعدوان الهمجي البربري الصهيوني المدعوم من الغرب الحاقد على مدينة غزة، يستمر صمود الفلسطينيين في وجه آلة القتل الصهيونية التي تقذف حمم النيران الحارقة على أطفال غزة ونسائها وشيوخها.
من لم يمت من أطفال غزة بشظايا القذائف أو محارق الفسفور أو إشعاعات اليورانيوم المنضب يموت رعبا وهلعا من أصوات الانفجارات وصرخات الإخوة والأخوات والأمهات وآهات الآباء والأجداد التي تتحدى أزيز الطائرات وأصوات الانفجارات!
ويتابع العرب والمسلمون المجزرة غاضبين حانقين لكنهم ضعفاء لا حول لهم ولا قوة، يتوقعون أنهم بالبكاء والدعاء يخففون عن أنفسهم ويساعدون الصابرين في غزة على الصمود، وقد يغيرون الرأي العام العالمي البليد تجاه القضية الأكثر عدلا في التاريخ!!
أما الحكام العرب فأغلبهم يلوذون بالصمت الرهيب!! فهو وسيلتهم المثلى لكي تغض الشعوب نظرها عنهم، والتي تأمنهم شر الغرب الذي أنشأهم ويحميهم!!
صمت الحكام في قصورهم قد يبقيهم أحياء لكن عميا صما بكما لا يرون ولا يسمعون ولا ينطقون! لكن ذلك الصمت ليس سوى نعش سينقلهم إلى مزابل التاريخ حيث يقيم الخونة والجبناء والعملاء على مر التاريخ!!
لسنا في حاجة اليوم للقول إن منظومة الحكم في البلاد العربية مصنوعة في الغرب أو هي قائمة بمباركته، مهمتها الأساسية تأمين الكيان المصطنع في قلب الوطن العربي، وخلق ظروف أخرى تسمح بأن يكون تواجد الكيان لأطول فترة ممكنة!
لكن معركة طوفان الأقصى التاريخية قلبت الأمور رأسا على عقب، وكأنما الشمس أشرقت في منتصف الليل فأظهرت كل شيء على حقيقته!! بانت معايير الغرب المزدوجة وكشفت زيف ادعاءاته في مسائل حقوق الإنسان وحماية المدنيين، وعرّت الحكام العرب من ورقة التوت، فبضعة رجال بأسلحة بسيطة بدائية الصنع هزوا دولة الكيان، فماذا لو تحركت مئات بالألوف المؤلفة من الجيوش العربية المدججة بأسلحة نراها فقط في الاستعراضات!!
أبسط المحللين يدركون أن ما حصل في السابع من أكتوبر كان جرس إنذار بالنسبة للصهاينة وداعميهم، فلقد أدركوا أن الكيان الذي أقاموه أوهن من بيت العنكبوت، ورأوا بأم أعينهم زوال إسرائيل كحقيقة لا محالة، لذلك كانت ردة فعلهم بهذا التخبط وهذه القسوة والوحشية، ولم يسعف الوقت أمريكا والغرب في محاولة إيجاد تدابير للتغطية على مواقفهم، فهرع الرئيس الخرف بايدين محملا بالأسلحة والذخائر وأرسل حاملات طائراته ولحق به تابعه البريطاني المنافق وكل قادة الدول الغربية خاصة تلك المقهورة في الحرب الأوروبية الماضية، وفرضت مفاهيم غريبة عجيبة كأن يصبح الحديث عن تقديم المعونات الإنسانية ونقلها إلى غزة دعما للإرهاب، أما طرح فكرة هدنة لأغراض إنسانية فمن قبيل الإرهاب!
وتحصيل حاصل أن تصنف حماس وكل فصائل المقاومة الفلسطينية منظمات إرهابية وتقارن بداعش التي صنعتها أمريكا ضمن وسائلها لتدمير سوريا والعراق وليبيا، فداعش لم تنشط إلا في هذه الدول.
السؤال الساذج لماذا لم تدرك الدول العربية هذه الحقيقة، وتستفيد منها لإعادة تراتيب المنطقة جيوسياسيا، خاصة وأن الصراع الدولي أخذ مناحي جديدة ومختلفة السنوات الماضية وعالم جديد بخرائط مختلفة تتعدد فيه الأقطاب أخذ في التكون!
لماذا يصمت الحكام العرب والفرصة سانحة مواتية جدا ليتكلموا؟ إجابات مختلفة تتبادر إلى الأذهان، لكن النتيجة الأكيدة أن صمت الحكام العرب الرهيب لا شك سيتبعه انفجار يهزهم، بعروشهم وكروشهم وجيوشهم الوهمية، وسيأتي الشعب يوما ليصنع واقعا جديدا لن تكون فيه إسرائيل ولا أمريكا قضاء وقدرا.