شيطنة حركات المقاومة
فتح الله سلطان
أليس ما يثير الريبة والشك والاستغراب هو سكوت رؤساء وملوك وأمراء الأمة العربية وعدم الرد علي ما يرتكبه الصهاينة من قتل ودمار نتيجة القصف الهمجي العنيف على المدنيين الفلسطينيين العزل في شريط قطاع غزة وبلداته وذلك تمهيدا للتهجير القسري لسكان الشريط وصولا إلى تصفية القضية الفلسطينية؟ اللهم بعض التصريحات الخجولة من جامعتهم العتيدة وشيء من سدر هنا وهناك قليل!!!
نحن نعلم ونعي جيدا الخلاف السياسي والأيدولوجي المتجذر مع حركة الجهاد الإسلامية (حماس) وانتمائها إلى تنظيم إخوان المسلمين ومواقفها المتطرفة خاصة مع جارتها الكبيرة جمهورية مصر العربية وتبعيتها الكاملة إلى إيران التي لم تخف يوما خلافها المذهبي مع العرب.
هذا لا يعني أن حركة حماس منظمة إرهابية، بل على العكس فهي حركة مقاومة شعبية لتحرير الأراضي الفلسطينية من المحتل الصهيوني، ولكن إسرائيل وبناءً على رغبتها أذعن لها مدللوها من الدول الأوروبية والأمريكية الشمالية وشيطنوا حماس وحزب الله وصنفوهما كمنظمتين إرهابيتين بواسطة آلتهم وأجهزتهم الإعلامية الضخمة المرتبطة عضوياً بتلك الدول وقواها السياسية والمالية والعسكرية الهائلة، هذا كله يحدث لتمهيدات سابقة مبرمجة ليكون من السهل رفع الغطاء الشرعي الدولي عن المنظمتين وتوظيفه لخدمة مصالح إسرائيل وحلفائها عند حدوث أي مواجهة عسكرية مع المقاومة الفلسطينية عند اللزوم مستقبلا، إضافة إلى ترسيخ وتعميم مفهوم أن إسرائيل مظلومة وتقع بين فكي كماشتي منظمتين إرهابيتين شمالا حزب الله وجنوبا حركة المقاومة الإسلامية (حماس) حتى لا تواجه أي صعوبة أو عراقيل في انتزاع تأييد الدول المعنية وغض النظر عن جرائمها الخسيسة مستقبلا، وكذلك سرعة تقديم الدعم العسكري والسياسي الفوري لها من قبل نفس الدول المعنية خاصة الولايات المتحدة الأمريكية، بريطانيا، ألمانيا، فرنسا وإيطاليا، واستمرار ضمان غض النظر عن سياستها المتطرفة ضد الشعب الفلسطيني المنهك تماما اقتصادياً وصحياً وأمنياً.
من المعلوم بأن إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية يعملون جميعاً على تفكيك وتصفية المقاومة الفلسطينية سياسياً وعسكرياً وبكل المسميات منذ مدة طويلة، ويبدو أن التدمير الكامل والممنهج لآخر ما تبقى من البنية التحتية ومؤسسات الدولة الفلسطينية متزامنا مع التهجير القسري لسكان القطاع المدنيين دلالة واضحة على فرض إسرائيل لمخططاتها بإخلاء القطاع من سكانه لتصبح القضية الفلسطينية في خبر كان؟ بحيث يكون المستفيد النهائي هو العدو الإسرائيلي الذي يختلق الذرائع والفرص لكي يستولي على أراض جديدة ويضمها إلى الدولة الصهيونية، وبهذا يتقدم خطوة إلى الأمام لبلوغ مخططه الأصلي بالتوسع على حساب الأراضي الفلسطينية تمهيدا لقيام مرحلة جديدة من مراحل الاحتلال الإسرائيلي.
وبالرجوع إلى حاضنة حماس وتركيبتها يتضح لنا أنها إحدى أذرع تنظيم الإخوان المسلمين الذي تم توظيفه تحت إدارة أمريكية بامتياز في مشروع الشرق الأوسط الجديد وسيناريوهات الفوضى الخلاقة التي باتت تجاوزا معروفة للقاصي والداني باسم ثورات الربيع العربي.
وأخشى ما أخشاه هو أن عملية حماس الأخيرة داخل عمق الأراضي المحتلة أعطت إسرائيل المبرر للقيام بهجوم شامل جواً وبراً على القطاع مما يسبب قتلاً ودماراً شاملاً غير مسبوق يطال البشر وممتلكات الشعب الفلسطيني متزامنا مع حصار وتجويع مرير الأمر الذي يؤدي إلى تهجير وتشريد البقية الباقية من الشعب الفلسطيني كما حصل لمهجري الشتات الفلسطيني سنة 1948 و1967، وبهذا السيناريو وكما هو مخطط له ينتهي تواجد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وتزداد رقعة إسرائيل التوسعية “كيل بعير”.
ولعل سيناريو المأساة الكارثية التوسعية يجعل بعض حكام العرب يتنفسون الصعداء لخروجهم من هذا الكابوس الفلسطيني الذي أرّق مضاجعهم لعقود طويلة منذ قيام إسرائيل وبالتالي يكون “اللعب مكشوف عالطاولة” وبالتالي لا خوف ولا حرج ولا ملامة من أن يتغزل العرب علانية بإسرائيل والشرب معا نخب قيام دولة إسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل.
إن إشكالية العرب أنهم لا يستفيدون من تجارب الماضي ويكررون نفس الأخطاء السابقة خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية ويبدو أنهم يعشقون المهانة والانكسار أمام سادتهم في الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية، هذا الخنوع الرسمي المخزي الذي جعل المواطن العربي العادي مرتبكا في الكثير من المواقف والأحيان حتى أنه بات يخجل من أن يقول بكل اعتزاز أنا مواطن عربي!!!
ختاما لدي سؤال إلى بعض الأذكياء والمتنفذين من الساسة والمحللين الذين قالوا في الوحدة العربية كما قال مالك في الخمر!!! هل ما حصل ويحصل للأمة العربية من تعد وتطاول وامتهان وتخلف ودمار كان يحصل لو أنها توحدت نزولا على رغبة ومطلب الشعوب العربية ورواد الدعوة إلى الوحدة العربية من رؤساء وزعماء ومنظمات وأحزاب؟ وهل ما حصل من دمار للعراق وسوريا واليمن وليبيا وتونس ولبنان وفلسطين والصومال كان يحصل لو توحد العرب؟ كذلك هل الممالك والإمارات والسلطنات كانت تخترق وتقع فريسة سهلة تحت نفوذ وسيطرة محور الشر الغربي؟