مقالات الرأي

حرب إقليمية وخارطة جديدة

ناصر سعيد

العملية الكبيرة التي حققتها المقاومة الفلسطينية «طوفان الأقصى» هزت الكيان الصهيوني، وجعلته يشعر باقتراب زواله، لقد انهارت الصهيونية، الدولة التي يعتبرها الغرب شوكتهم وقيادتهم ومرتكزهم لبسط النفوذ على منطقة الشرق الأوسط، لذلك اضطر الغرب للتحرك السريع بالدعم العسكري والسياسي والإعلامي المضلل خوفا من توسع المعركة.
لم يكن الهجوم والحصار الصهيوني ضد قطاع غزة، الأول من نوعه، لكنه يختلف هذه المرة وقد يطول، ولن ينتهي إلا بأعداد مهولة من الضحايا، ودمار مرعب، فعملية «طوفان الأقصى» أنتجت جرحًا عميقًا في غرور منظومة دفاع واستخبارات الكيان، وأثبتت أن اتفاقات السلام هشة ما لم تتضمن إيجاد حل للقضية الفلسطينية، فالحرب ستبقى بين كَر وفر، ولا نهاية لها إلا بنهاية الاحتلال.
خطورة هذه الحرب، تكمن في احتمالية توسع رقعتها؛ لأن فصائل مقاومة العدوان الصهيوني في المنطقة لا تخضع لسياسة حكومات الدول التابعة لها، وهو ما يؤكد أنه حال اتساع المقاومة، فلن تبقى الحرب ضد قوات الاحتلال في غزة فقط، بل ستفتح المقاومة جبهات أخرى في جنوب لبنان، أو ربما تتحول إلى حرب إقليمية إذا تدخلت إيران.
وإذا حدث ذلك فسوف تتشكل خريطة جديدة للمنطقة، ربما تكون أفضل من واقع اليوم، فشرارة الحرب الإقليمية متوقعة، مع توسع المقاومة.
والمعركة التي استمرت أسبوعين تعني أن المؤشرات إيجابية قد تحدث خاصة مع بدء التغير الواضح في الموقف الدولي وخاصة الشعبي في الدول الغربية، أمام ما يراه بعين الحقيقة من انتهاكات ودمار وإبادة جماعية في قطاع غزة.
المقاومة الشعبية هي حركة تحرر وطني، ولذا يسميها الغرب «منظمات إرهابية وعصابات!» لأنها ضد المستعمر وضد الاحتلال، وتكافح من أجل استعادة الحرية والاستقلال، وتعتمد على الدعم الجماهيري الواسع الذي يشكل قاعدة شعبية قوية تزيد من فرص النجاح والنصر، وهذه هي المقاومة الشعبية المسلحة من كل أبناء الشعب الفلسطيني الذي يؤمن بحقه في العيش بحرية وكرامة فوق أرضه.
لقد عادت اليوم القضية الفلسطينية إلى صدارة المشهد السياسي بقوة، وهذا تحول مهم، يؤكد أن أي حل سياسي أقل ما يحققه هو إقامة دولة فلسطين على حدود 67، وهذا مكسب كبير، وإذا تحقق فيعني انتهاء دولة الكيان وخاصة بعد أن أصبحت غير آمنة، إثر الهزيمة النفسية التي لحقت بالمستوطنين، وولدت عندهم قناعة أنهم تحت الخطر الدائم، ولن يستطيعوا العيش فيها بسلام بعد الآن.
علينا تشجيع كل المواقف الداعمة للمقاومة الشعبية الفلسطينية مهما كان حجم الخلاف مع بعض الأطراف بعيدا عن تصنيفات الأدلجة التي تقزم معركة التحرير واستعادة فلسطين.

Back to top button