كيان من ورق
علي حبيب
قبل ما يزيد على المائة عام تم ولادة الكيان المسخ من رحم الكفر والإلحاد متخذا من اليهودية غطاء دينيا له حيث اجتمع حثالة الأرض وسخروا كل إمكاناتهم المادية وخبثهم السياسي بدعم من الشيطان الأكبر المتمثل في العصابة التي احتلت أرض الهنود الحمر بعد أن مارست عليهم كل أصناف العذاب والتنكيل حتى أبادت حضارتهم البدائية واستحلت أرضهم واتخذتها وطنا، وبالعودة للمولود المسخ (الكيان الصهيوني) كانت فلسطين الوجهة الأقرب والدولة الأمثل التي تتوفر فيها المعطيات الاستراتيجية في نظرهم، حيث تحتل مركز القلب في جسم الأمة العربية، فدخلوا إليها على شكل عمال يبحثون عن لقمة عيش لهم وتغلغلوا في مفاصلها مستخدمين دهاءهم وخبثهم والمكر الذي جبلوا عليه، ثم كان ما كان في ظل غياب اللحمة العربية الواحدة والقرار العربي الموحد وظروف الحرب العالمية الأولى والثانية، وبتاريخ 14 مايو 1948 أعلن “ديفيد بن غوريون” الرئيس التنفيذي للمنظمة الصهيونية العالمية قيام الكيان الصهيوني واحتلاله لما سماه أرضه التاريخية التي سلمتها له حاضنة الخبث في العالم بريطانيا قبل انتهاء انتدابها على فلسطين بساعات، ومباشرة أعلن الشيطان الأكبر أمريكا اعترافه بدولة (إسرائيل) كدولة مستقلة في نفس اليوم والتاريخ.
وهنا نرى أنه ليس من الغريب أن يظهر الغرب عداءه لكل من يعادي هذا الكيان الذي لم يذق طعما للراحة جراء المحاولات المستمرة والدائمة من أصحاب الأرض الحقيقيين ومن ساندهم لإخراجه من أرض فلسطين، عمل العدو بآلته الإعلامية الفتاكة على زرع الخوف والرعب في عقول الناس، إضافة لتزييف التاريخ واستجلاب المرتزقة الصهاينة من كل أصقاع الأرض، وجرف القرى والمدن الفلسطينية وأقام محلها مستوطنات بأسماء جديدة، كل ذلك لإجبار التاريخ على أن يكتب أن هذا الوطن اسمه إسرائيل ولا وجود لفلسطين، غير أن الإيمان بالله ثم الإرادة والعزيمة القويتين كانت السلاح الذي يقاوم به الفلسطينيون مغتصبي أرضهم الذين يفوقونهم عدة وعتادا.
وبالرغم من كل المجازر التي ارتكبها الصهاينة في حق الفلسطينيين وعزلهم عن العالم وفرض حصار عليهم ووضعهم في أكبر سجن مفتوح عرفه العالم، بالرغم من كل ذلك لم تهن عزيمتهم، بل إن كل ضربة يسددها لهم العدو تزيدهم قوة، ولعل عملية طوفان الأقصى التي جعلت عنجهية العدو وغروره وتكبره مجرد شعارات، وأوضحت أن رابع جيش في العالم قوة كما يدعون ما هو إلا ثلة من الجبناء الذين يحتمون بظل أمريكا، ويرعبهم زئير طفل فلسطيني، ويقض مضاجعهم حجر ينطلق من يد مقاوم، وكما هو حالهم في كل مرة ليس لهم إلا أن يستنجدوا بالأم أمريكا، ويسيروا طائراتهم التي تحمل الموت لتواجه صمود أطفال فلسطين ونسائها وشيوخها لتمطر نارها على رؤوسهم ضاربة بعرض الحائط كل المواثيق الإنسانية والعسكرية، ولتتضح الصورة الحقيقية التي تدعيها أمريكا (راعية الديمقراطية وحقوق الإنسان).
أي فخر من أن تسخر أكبر البوارج وأحدث المقاتلات الأمريكية وآخر ما توصلت إليه التقنية من أجهزة رادار وتجسس في أمريكا وإسرائيل! أي فخر من أن يسخر ذلك كله لمواجهة أبطال المقاومة الذين قذفوا الرعب في قلوب أعدائهم ودمروا تلك الصورة الكاذبة التي كان الغرب يقدم نفسه بها كأول مدافع عن حقوق الإنسان، نعم ارتقى عدد كبير من الشهداء أطفالا ونساء وشيوخا ورجالا في غزة إلى جنات الخلد بإذن الله جراء هذه الهجمة النابعة من شدة رعب العدو وخوفه وحقده، لكن القادم بإذن الله أفضل.