إضاءات قانونية
أسماء الفسي
لا يؤثر الإنذار في وجود العقد ولا في تنفيذ ما يرتبه من التزامات، حيث تظل علاقة العمل قائمة ومنتجة لآثارها خلال كل المدة، حيث لا ينتهي العقد إلا بانتهاء مدة الإخطار في العقود غير محددة المدة، حيث إنه وكما ذكرت في مقال سابق أن المقصود بمدة الإخطار عدم مفاجأة الطرف الآخر بالإنهاء بالإرادة المنفردة، وقد ألزم المشرع صاحب العمل أن يأذن للعامل بالتغيب يوميا ولمدة لا تقل عن ساعتين من ساعات العمل الفعلية للبحث عن عمل آخر، وهو مظهر من مظاهر حسن النية الواجب توافرها في تنفيذ العقد، وقد يرى صاحب العمل عدم تكليف العامل بالحضور خلال المهلة المذكورة على أن يعطيه أجره المعتاد، بل أحيانا قد يفضل صاحب العمل ذلك خشية أن يثير العامل القلاقل في مكان العمل ولا يوجد ما يمنع من السماح لصاحب العمل بذلك.
مقابل مهلة الإنذار: ومن ثم يجب على من يريد إنهاء العقد غير محدد المدة أن يخطر الطرف الآخر في المدة التي حددها القانون آنفا، فإذا لما يراع المتعاقد هذا الحكم أو لم يقم بالإخطار في الموعد المحدد فإنه يكون قد أساء للطرف الآخر ويلزم بتعويضه عن الضرر الذي أصابه عن هذا الإخطار أو عن المدة الباقية هنا، ويشمل التعويض فروق الأجر المحدد الذي كان يستحقه خلال هذه المدة، جميع ملحقات الأجر التي تكون ثابتة ومعينة حيث تقضي المادة 71 من قانون علاقات العمل (إذا ألغي العقد بغير مراعاة مدة الإنذار ألزم من فسخ العقد أن يؤدي إلى الطرف الآخر تعويضا مساويا لأجر العامل عن مدة الإنذار أو الجزء الباقي منها)، ومن هذا النص يتضح لنا أن المشرع قد قدر تقديرا جزافا للتعويض الذي يستحقه أحد أطراف العلاقة، أي أنه قدر بأجر العامل عن مدة الإنذار أو المدة الباقية منه، مع ملاحظة أن التعويض الجزافي المقصود لا يتغير إذا تحصل العامل على عمل آخر بعد الإنهاء المفاجئ للعقد، ومبدأ التعويض الجزافي للتعويض مقابل مدة الإخطار مبدأ عام، بمعنى أنه يسري سواء أكان الطرف الذي خالف تلك المهلة هو صاحب العمل أم العامل.
حالات الفصل التعسفي بنص القانون: ذكرنا آنفا أن الإنهاء قد يكون من جانب صاحب العمل وقد يكون من جانب العامل، ولكن الواقع العملي أثبت أن الإنهاء التعسفي لا يثور إلا إذا كان من جانب صاحب العمل، أي في حالة فصل العامل، حيث نص القانون المدني وقانون علاقات العمل على عدة حالات يعتبر إنهاء العقد خلالها من جانب صاحب العمل فصلا تعسفيا، حيث منع المشرع فصل العامل في أيام إجازته السنوية أو المرضية أو إجازة الوضع بالنسبة للمرأة العاملة أو أيام الراحة الأسبوعية أو العطلات الرسمية المجمعة (نص المادة 77 من قانون علاقات العمل)، والحكمة من ذلك هو تمكين العامل من الاستفادة بها على الوجه الأكمل وحتى لا يشغل باله بالبحث عن عمل جديد، كما يقوم على اعتبارات إنسانية بالنسبة للعامل المريض أو العاملة التي تضع مولودها.