مقالات الرأي

القضية الفلسطينية وعقدة المجتمع الدولي

محمد مخلوف

طالما أن الوضع العربي الراهن بعد غزو غزة يزداد سوءا يومًا بعد يوم دون أي حراك سياسي باتجاه اتخاذ موقف عربي موحد الجهود والصف العربي والداخلي للفصائل الفلسطينية في إطار التضامن والدفاع العربي المشترك، وإطلاق المواجهة العربية المحتومة الشاملة لحماية وحفظ الدم العربي المهدور.
وطالما ظل مستمرا ما نشاهده كل يوم منذ أكثر من سبعين عاما للسيناريو الدموي المستمر الذي تقوم به العصابات الصهيونية ضد أبناء الشعب الفلسطيني البطل وخصوصا هذه الأيام من غزو مسلح وحشي لأبناء وأهالي بلدة غزة الفلسطينية، أمام الموت العربي والدعم العلني للعصابات الصهيونية من داعميها في أبشع اجتياح عسكري، والقصف العشوائي بالطائرات لأبناء الشعب الفلسطيني العزل من السلاح في غزة ومختلف المدن والقرى الفلسطينية بأسلوب جنوني من قتل جماعي للجنس العربي دون التفريق بين المدنيين من الشيوخ والنساء والأطفال، ودك وتحطيم الأحياء السكنية والمنازل وهدمها على رؤوس ساكنيها بعد أن أحكم الحصار الشديد على أهل المدينة ومنع عنهم دخول المساعدات الإنسانية من الغداء والدواء وقطع الكهرباء والمياه وهو يرتكب كالعادة جريمته الإرهابية مرة أخرى وقتل أكثر من 3000 فلسطيني ونحو 5000 جريح في عمليات القصف العشوائي بأحدث الأسلحة المتطورة.
وطالما أن الاتجاه العام لسياسة الدول الغربية الراعية والداعمة علنا لهذا العدو دائما ولجرائمه في المنطقة العربية والتي تمثل الغطاء الرسمي للتغطية على جرائم الكيان الصهيوني وخلق الذرائع والحجج الواهية التي تتنافى وجميع المواثيق والأعراف الإنسانية والدولية، وطالما أصبح مصير الأمة العربية في الميزان محل تحد مصيري تكون أو لا تكون يكتب لها البقاء أو يفرض عليها الفناء.
وطالما أصبح يقينا ما أصيبت به أمتنا العربية مما أدى إلى التفريط المذهل في عامل الزمن وكل شيء تملكه الأمة، وطالما أن أولي الأمر في الأمة من النظام العربي الرسمي ما زالوا يتكئون على الأرائك ينظرون من تراكمات الأيام وتركاتها وغير عابئين بأن في ذلك هلاكا لهم أيضا عاجلا أم آجلا.
وطالما أن ليس هناك جدوى من كذبة المفاوضات وقرارات التسويف ومشاريع المزايدات السياسية ومؤتمرات المؤامرات الدولية الملاذ الذي يكنون له ويفرون إليه بعد كل صفعة ويولون وجوههم شطره ناسين أخطر القضايا المصيرية التي صارت عليها الأمة العربية وما يحاك ضدها من مخططات سلبية، وطالما هذا الحال الخطير موجود منذ عقود وهناك من يكرسه وفي وجود كل التنظيمات بمختلف مسمياتها السياسية وغيرها دون إعلان موقف سياسي إنساني عالمي ليس تضامنا فقط مع الشعب الفلسطيني المنكوب وإيقاف نزيف الدم لهذا الغزو البربري ولما يجري من جرائم حرب الإبادة الجماعية التي تقوم بها العصابات الصهيونية النازية ضد أطفال ونساء وشيوخ مدينة غزة المقاومة الباسلة التي استطاعت ضرب كبرياء العدو الصهيوني في مقتل وعرت عورته وضعفه ووهنه وزلزلت الأرض من تحته كل زلزلة وأربكته بعد أن قذفت الرعب في قلب عصاباته الوحشية، وجعلت أيضا المقاومة العربية الفلسطينية المجتمع الدولي في موقف محرج ومؤسف في قدرته على السيطرة، وتنفيذ قراراته الدولية أو احترام مواثيقه ومعاهداته التي يرفع شعاراتها زينة له فقط دون تنفيذها أو حتى احترامها، وبالتالي أصبح كما تعودنا على مراوغاته، شريكا في عمليات الغزو والاجتياح والنزوح والترويع والتجويع والحصار، فإن الضرورة تستوجب على الجماهير العربية صاحبة المصلحة والدور والمسؤولية من عدمه والقوى الوطنية، والجماهير التي تأثرت بمرض الذهول عن نظامها الرسمي أن تقوم بواجبها الإنساني والوطني والأخلاقي لحماية نفسها وهى قادرة شرفا ووجودا، طالما عرض حياتها أصحاب الطول والحول للمزايدات العالمية والتطاول والاستخفاف الذي يجب أن يفتح المجال ولو لمرة أمام الجماهير الشعبية لتحمل مسؤوليتها التاريخية وخلق الكيان المتكامل سياسيا في أن تثور على هذا وتفرض الاتجاه الصحيح والضغط بطريقتها التي تعرفها مناسبة في استرداد الأرض العربية المحتلة وفرض الرأي والموقف وكسبه لمعالجة قضيتها ومواجهة مصيرها وهي ماضية ومقاومة للصلف الصهيوني الإمبريالي دون وزن لحسابات المطبلين في أسواق السياسة الرخيصة من العرب أو أكاذيب ونفاق المجتمع الدولي المخادع، نراه اليوم وكأنه يبارك غزو غزة ونفي سكانها.
وأخيرا وليس آخرا فهل يا ترى من عمل يفيق أهل الكهف النظام العربي الرسمي ويمكنهم مجددا من الإحساس بخطورة مواقفهم الحرجة وأوضاع شعوبهم المتردية وأوصالهم المتقطعة كما أراد لها أعداؤها في كثير من المحطات الاستعمارية، وما مؤامرة الربيع الغربي أو العبري ببعيد، وهل هم نادمون ومتحسرون على ما يجري لإخواننا في غزة والقرى الفلسطينية على يد عصابات الكيان الصهيوني؟ ولكن أي ندم يندمون إنها خسارة أمة شرفا وكرامة إن لم يكن وجودا.

Back to top button