التحديات المؤسسية في ليبيا…تسلط الميليشيات وتأثير سياسة الأسترضاء
تقرير – حسام حمودة
منذ تولت حكومة الدبيبة والحكومات السابقة السلطة، عملت على إرضاء قادة المليشيات المسلحة من خلال توجيه الأموال إليهم وتعيين أنصارها في المناصب الدبلوماسية والوظائف ذات الأهمية. وبسبب هذه السياسة، بدأت تلك المليشيات في التصارع على مناطق النفوذ داخل العاصمة وحتى المناصب القيادية في الدولة، حيث تعتبر تلك المواقع جزءًا من نفوذها.
ومن هذا المنطلق، زادت مشكلة “الأنا” بين قادة هذه المليشيات نتيجة للتضخم الذي أحدثته هذه السياسة. وباتت الكتائب المرتبطة بوزارتي الدفاع والداخلية مجرد واجهة ظاهرية، حيث يتم تعيين قادتها بشكل شكلي وتقاضي مرتباتهم من تلك الوزارات دون أن يكون لهم أي دور فعلي.
واستفحلت هذه الظاهرة حتى وصلت إلى تسمية أحياء العاصمة باسماء قادة المليشيات التي تسيطر عليها.
وأصبح الجنود التابعون لتلك المليشيات يرتبطون بقادتهم ويحصلون على هويتهم العسكرية والشرطية منهم، متجاوزين بهذا الأمر هياكل الشرطة والجيش التقليدية التي ينتمون إليها. وجرى تفضيل سياسة الاسترضاء على حساب الهوية المؤسسية، مما أدى إلى تمتين مكانة أمراء المليشيات وجعلهم أكبر من قادة الجيش والشرطة النظاميين.
وتجلى هذا التأثير أيضًا في وزارة الداخلية، حيث تصرفت بشكل يشبه الكتائب المليشية،وأصبح رئيس أركان الجيش يتناول دورًا مشابهًا لمنظمة مجتمع مدني، يسعى جاهدًا لحل النزاعات بين الكتائب التابعة له. هذا الوضع يتكرر أيضًا في وزارة الداخلية.
بهذه الطريقة، تُظهر السياسة التي تولتها تلك الحكومات ضعف مؤسسات الدولة وتساهم في تفشي ظاهرة العسكرة والميليشيات، ما يشكل تحديًا لبناء هياكل دولية قوية ومُستدامة.