وهم الانتخابات
ناصر سعيد
هل سيذهب الليبيون لخوض الانتخابات وفقا للإملاءات وكما هي الوصفات الغربية التي تردد وبشكل متكرر في تصريحات السفراء والدبلوماسيين الأجانب، أم تلك النمطية المليئة بالخداع والوعود والأماني، للخروج من الحالة المتأزمة في ظل هذه الظروف والواقع البغيض المعاش وسط خلافات جسيمة وعميقة وانقسام شديد أحدثته سلطات الوصاية الانتقالية التنفيذية والتشريعية، يصحبه انقسام المؤسسات الأمنية والمالية، وفي ظل التواجد الأجنبي الرسمي والمرتزقة، وسلاح غادر بيد المجرمين والمؤدلجين؟
القرار الوطني مرهون بيد السفراء وموظفي البعثات الأممية، وفي غياب الدولة والسيادة الوطنية إجراء أي انتخابات في ظل هذه الظروف والحيثيات لن ينتج إلا كرزاي والمالكي.
ما لم يتشكل رأي عام وطني مستقل يكون قادرا على ممارسة نوع من الضغط على الأطراف الداخلية والخارجية فإن الذهاب إلى الانتخابات سيكون ترسيخا للتدخل الأجنبي وشرعنة له، وسيستفيد من هذا المناخ القوى القبلية والجهوية وأصحاب المصالح والأجندات، وستساهم وسائل الإعلام الممولة من جهات مشبوهة في تزييف وعي الناس وتوجيهها لسلوك الطريق الخطأ الذي لن يخدم المصلحة الوطنية وسيعمق المؤامرة، وما أنتجته من أجسام وشخوص، ولن تكون إلا أداة لإدامة عمر التبعية والسماح للقوى الخارجية بالتدخل في الشؤون الداخلية.
القاعدة الدستورية والقوانين الانتخابية وشروط الترشح، صيغت بطريقة تسمح بالتأويلات والتفسيرات وتفتح بابا للجدل لا يقل غموضا عن القوة القاهرة، كما أن الاختلافات المصطنعة بين مجلسي النواب والدولة على القوانين تثير شكوكا على اتفاقهم لتمطيط الانتخابات لاستمرارهم في مواقعهم كحق مكتسب!!
وتستمر مواقع التواصل الاجتماعي ومنصاتها الممولة المشبوهة في صناعة العناوين المدهشة عن التحركات المسلحة هنا وهناك وإطلاق النار بين أطرافها وعن عمليات الاختطاف والجثث الملقاة، وعن وقفات احتجاجية وبيانات مناطقية وطائرات مسيرة تتفاعل معها الناس وفي الصباح تخمد لتنتقل إلى عناوين جديدة.
ويطرح السؤال الكبير هل الانتخابات هي المخرج الوحيد من الأزمات التي تعصف ببلادنا؟ وهل في هذه الحالة ستعبر الانتخابات عن وزن أو شعبية مخرجاتها ووعي قطاع واسع من الشعب؟
في كل العالم لا تعبر عن توجهات الناس وقناعاتهم أو شعبية التيارات والطبقات السياسية، وحتى بعيدا عن الحالة الليبية شاهدنا نموذج ترامب- بايدن، وأردوغان- أوغلو، وكيف جرت الانتخابات هناك بالمناصفة، وهنا يمكننا القول إنها مجرد لعبة قذرة يفوز فيها من يتقنها، وشروط إتقانها التحايل والالتفاف على القواعد المنظمة لهذه الانتخابات فهي مهارة الانتهازيين في القفز من طرف إلى آخر، والتقلب في التحالفات حسب قوة الرياح واتجاهها، وما تتطلبه الظروف والمصالح.