من عظمة الذكرى
محمد مخلوف
من نافلة القول إن الثورة عندما تعلن شعاراتها وتفصح عن المضمون الحقيقي لها، بإقران القول بالفعل، تكون أكدت صدق توجهها من جهة، وأعطت الجواب الشافي لكل التساؤلات، وألهبت في نفوس الجماهير العربية المؤمنة بهذه الشعارات روح الإيمان كأهداف مضامين ثورية، بحيث تكون تلك الجماهير في موقفها وموقعها الصحيح، تعمل من أجل تكريس تلك الأهداف، وخلق المناخات المناسبة لتحقيقها وإنضاج الظروف لتمثيلها ولوضعها في حياة المجتمع كناموس يهتدى على أساسه وخلق المناعة ضد كل من يحاول المساس بها، أو العبث بالإنجازات والمكاسب التي تتحقق في ظلها.
تلك هي الثورة العربية الأم 23 يوليو القومية بقيادة المناضل الراحل جمال عبد الناصر العروبي القومي المتحرر من كل قيود الإملاءات الخارجية التي لم تكن صدفة من صدف التاريخ، ولم تكن حدثا عارضا ولدته ظروف محلية إقليمية، كما أنها لم تكن طفرة بدون جذور، وإنما هي ثمرة مخاض نضالي طويل وعنيف لأمة حية فاعلة في حركة التاريخ مؤثرة فيه ودافعة له إلى المستقر الإنساني الآمن، لقد التزمت بشعارات الثورة العربية في معارك التحرر والتحرير والانعتاق والحرية والدعوة للوحدة والمصير الواحد والدفاع العربي المشترك.
كانت ثورة الفاتح بقيادة الزعيم معمر القذافي ورفاقه الضباط الوحدويين الأحرار الرافد الحقيقي لها واقعا وتطورا ونضالا في ترجمة شعاراتها العربية والقومية من خلال تواصلها مع كل القيادات العربية النضالية لتأكيد وجودها في كل الساحات العربية والإقليمية وجهودها في توحيد الكلمة وجمع الصف العربي والإسلامي من أجل وحدة الأمة العربية ومحاولات الاندماج رغم التحديات المختلفة المحلية والدولية ومسيرة النضال الوطني والقومي والإفريقي والإنساني في العالم ضد الأعداء ومواجهة كل التحديات المختلفة التي تواجه الشعوب العربية والإسلامية حتى صارت ليبيا تمثل ضمير العالم الإنساني.
وما زالت مصر العروبة والتاريخ وستظل تحقق نضال الأمة وكرامة المواطن العربي مرة أخرى وهي تلتزم بشعارات الوطنية والتاريخية والقومية والحفاظ عليها بفضل تولي فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي زمام الأمور في مصر العروبة التي حاول الأعداء والعملاء تحطيمها كبوصلة المنطقة العربية في أكبر حملة عسكرية تاريخية في 2011، جعلت من بلادنا ساحة صراعات إقليمية ودولية بعد تدمير مؤسسات الدولة الليبية واغتيال قياداتها وقتل شعبها وتهجير أبنائها واعتقال أبطالها ضمن مشروع الربيع العربي المدمر، وتنصيب أوصياء على الشعب الليبي والمتاجرة بمصيره لعقد من الزمان وأكثر.
ونحن اليوم نحيي ذكرى ثورة يوليو التاريخية عبد الناصر الأمة والهيبة نؤكد أهميتها وصحوة شعوب الأمة ومدى ارتباطها بخطى ثورة الفاتح 69 القذافي المجد والتاريخ والضمير الإنساني، فلا يمكن أن يظن أحد أن مصر العروبة للحظة، أنها يمكن أن تساوم أو تهادن على حساب الأهداف القومية المصيرية التي غرس بذرتها الصالحة عبد الناصر في الدفاع عن الأرض العربية وصون كرامة المواطن العربي، وتأكيد وحدة الشعب العربي ومواصلة مسيرة النضال والكفاح في مواجهة التحديات الخارجية والداخلية المحدقة بالأمة والمنطقة لأنها خيارات لن نعدل عنها.
فالدعوة تفرض الضرورة الحتمية لإنقاذ أنفسنا ووجودنا نحن العرب في المنطقة الاستراتيجية المتكالب عليها الغرب الصليبي وأتباعه والاستنهاض واستعادة الدور الريادي بالوحدة والدفاع العربي المشترك والتكتل الإقليمي والدولي وفق مصالح شعوب المنطقة العربية بدلا من بقاء الوضع العربي الضعيف والمتآمر عليه وله أسبابه.
علينا التفكير بعقلية القادة العرب والمسلمين الأوائل والفاتحين في تحرير القرار العربي بالإدارة العربية والقومية والحفاظ على شعوب المنطقة وأن الشعوب لن تتردد عن خوض مسيرة النضال والكفاح مرة أخرى للحفاظ على وجودها واستمرار بقائها.