الاصطفاف مع الجيش
قاسم صنبير
سنوات من القهر والعذابات والضياع والظلمة الكالحة التي تخيم على ليبيا، فقد عاد المحتل مرة أخرى كما كان رغم هزيمته في كل مرة، حيث يُعلن الجهاد وتوضع الخطط بسرعة للتصدي للعدو رغم فارق العتاد والعدة، لكن الإرادة القوية والعزيمة الصلبة للشعب الليبي كانت تهزم العدو وتجعله يهرب أمام بنادق المجاهدين، منذ قرون والعدوان على ليبيا يكرر نفسه، وهذه المرة استخدم عملاءه وتحالفه حتى احتل ليبيا، كانت منازلة غير متكافئة، أربعين دولة منها ثلاث دول نووية وأعضاء دائمون في مجلس الأمن الدولي، حرب جُند لها حلف الناتو كله ومعه بعض الدول العربية للأسف، رموا حممهم وقنابلهم المحرمة دولياً على أطفال الشعب الليبي، معركة دامت ثمانية أشهر، وفيها سطرت أروع الملاحم بطولات سجلها المجاهدون هنا وهناك وما زالت القصص والروايات تحكى أولا بأول، وما سمعنا إلا القليل لسطوة المحتل في تكميم الأفواه.
هكذا هي ليبيا وملاحمها منذ ما قبل التاريخ، كل المحتلين رجعوا في النهاية خائبين حتى وإن طال الاحتلال، أين الرومان؟ أين الإغريق والأتراك والطليان وغيرهم وغيرهم؟ رحلوا وتركوا بعض آثارهم الدالة على خيبتهم، في كل ما مضى لم يتجه المجاهدون للتفاوض مع العدو إلا بعد إعلان الجهاد والتفاوض تحت رصاص البنادق، وهكذا حتى وإن احتلت يستمر الجهاد والنضال لتحرير الوطن وعدم الاعتراف بالمحتل ومقاطعته.
اللقاءات والاجتماعات مع المحتلين لا تحقق أي شيء سوى تكريس الهيمنة والاحتلال، الاستعمار يفعل كل شيء لتحقيق غاياته، وكل شعاراته كذبة وكل هياكله كذبة، حيث تعرت الأمم المتحدة ومجلس الأمن، كل أجهزة الأمم المتحدة تبين أنها أدوات تستخدمها الدول الغربية بزعامة أمريكا لتبرير أفعالهم اللاأخلاقية وغير القانونية، والأمثلة كثيرة، الحرب على العراق وليبيا وسوريا وغيرها من الدول التي لم تخضع للإرادة الاستعمارية.
اليوم ماذا عسانا أن نفعل؟ هل يستمر الحال هكذا؟
القول إن المعركة انتهت ولا قبل لنا على الناتو والخضوع لإرادة المجتمع الدولي الكذبة أن ندخل اللعبة الانتخابية وانتظار ما يصدره المحتل من تعليمات، التفكير بهذه الطريقة هو التسليم الكامل للعدو والعمل من خلال الاحتلال هذا ضرب من الخيال، العدو الذي جاء من وراء البحار جاء للاحتلال ونهب الثروات ليس ليهتم بالديمقراطية الخرافة الزائفة وليس لتحقيق التنمية، جاء ليدمر فقط، ما الحل؟
ليس أمام أي شعب يخضع تحت الاحتلال إلا المقاومة والكفاح بكل الوسائل لطرد الاستعمار، الحل هو استنهاض كل الشعب وشرح المخاطر والتعبئة الشاملة، ثلاث عشرة سنة وليبيا محتلة تسير من خلال سفراء دول أجنبية وكل يوم أسوأ مما قبله والتمزيق مستمر.
صحيح أن هناك جهودا محمودة في كل ليبيا، لكن هذه الجهود الوطنية ما لم توحد ستكون فاعليتها ضعيفة، وأتصور لو كل الجهود الوطنية تلتف حول الجيش الليبي وتكون داعمة له فسيكون هو الطريق الأنجح لقيادة الجهاد، أي حديث غير الجهاد ضياع للوقت والجهد.
الإيمان بالمؤسسة الوطنية العسكرية ودعمها مهم جداً، فهي مؤسسة في الأساس وطنية وقومية، والذي يدعوك لمحاربة الجيش الليبي هو العدو، فدعوة الشعب الليبي كله الوقوف ودعم القوات المسلحة بقيادة المشير خليفة حفتر، ونستند عليه في توحيد الجيش الليبي حتى يكون قوة ضاربة تواجه المحتل وترجع ليبيا لليبيين.
جهود كبيرة تُبذل كل يوم يقدرها الجميع فهي مهمة ويجب أن توظف لاستنهاض الشعب الليبي والاستعداد لطرد الاحتلال اللغة التي يعرفها المحتل منذ القدم وكما هزمناهم سنهزمهم مرة أخرى والدروس المستفادة كثيرة.