ملفات وتقارير

ألهمته الجزائر وحمل جوازا مغربيا.. هذه قصة “نيلسون مانديلا” مع البلدان المغاربية

تحتفي الأمم المتحدة، الثلاثاء، باليوم الدولي لـ”نيلسون مانديلا”، الذي يوافق الثامن عشر من يوليو من كل سنة.

ووفقا للأمم المتحدة، فإن تخصيص هذا اليوم للاحتفاء بـ”مانديلا” (1918 – 2013 ) نابع من اعتراف الجمعية العامة في نوفمبر 2009 بإسهام الرئيس السابق لجنوب أفريقيا في نشر “ثقافة السلام والحرية”، و”تفانيه في خدمة البشرية”.

وقبل أيام، كتب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، رسالة يتحدث فيها عن خصال الرجل، واصفا إياه بأحد “عظماء عصرنا”، الذي “يجب علينا إحياء إرثه بالعمل” عن طريق “العمل على قطع دابر العنصرية والتمييز والكراهية؛ والعمل على التخلص من تركات الاستعمار”.

ولسنوات طويلة كافح نيلسون مانديلا التمييز العنصري ونافح من أجل التحرر من ربقة الاستعمار، وربطته علاقات واسعة بالنخب المقاومة في العديد من المناطق حول العالم، وبينها المنطقة المغاربية.

الجزائر.. جعلوا منه “رجلاً”

بدأ مانديلا مشواره في المحاماة للدفاع عن السود ضحايا تشريعات الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، وهو ما جعله هدفا متكررا للملاحقات القضائية والمضايقات الأمنية.

تبنى الرجل موقفا سلمياً للدفاع عن المساواة بين البيض والسود، لكن بعد “مذبحة شاربفيل” الشهيرة التي ارتكبتها قوات الشرطة ضد السود غير المسلحين في 21 مارس عام 1960، وما تلاها من حظر لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي، تخلى مانديلا عن موقفه وبدأ في الدعوة إلى حمل السلاح ضد نظام جنوب إفريقيا.

أسّس الجناح العسكري لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي، قبل أن يتجه إلى الجزائر في عام 1962 للتدريب على “حرب العصابات”.

يذكر الباحث عبد الجليل العربي يوسف، في ورقة بحثية نشرها مركز هوتشينز للأبحاث بجامعة هارفارد، أن نيلسون مانديلا اعترف في زيارة إلى الجزائر العاصمة في 16 ماي 1990 بأن “الجيش الجزائري هو الذي جعله رجلاً”.

وأضاف أن مانديلا الذي كان يتنقل مستخدما جوز سفر إثيوبي واسما مستعارا سعى إلى “تعلم ما بوسعه عن المقاومة المسلحة من جيش التحرير الوطني الجزائري في مدينة وجدة المغربية”.

وفي كتابه “رحلتي الطويلة من أجل الحرية”، وصف مانديلا الجزائر، قائلا إن وضعها “أقرب ما يكون لوضعنا لأن الجزائريين يواجهون مستوطنين أجانب يتحكمون في مصير أغلبية السكان الأصليين”.

تونس.. لقاء مع بورقيبة

كانت تونس ما بعد الاستقلال مناهضة التمييز العنصري، إذ استقبلت مانديلا بحفاوة في أعقاب دعوة تلقاها لحضور مؤتمر الحركة القومية لتحرير أفريقيا الشرقية والوسطى والجنوبية (التي ستصبح لاحقا “منظمة الوحدة الأفريقية”) في 1962.

يقول مانديلا في سيرته الذاتية “رحلتي الطويلة من أجل الحرية”، إنه زار تونس والتقى بوزير دفاعها آنذاك، قبل أن يحظى رفقة الوفد المرافق له باستقبال رئيس الجمهورية، لحبيب بورقيبة.

وأضاف “تجاوب فورا مع قضيتنا وعرض علينا تسهيلات للتدريب العسكري وخمسة آلاف جنيه أسترليني لاقتناء أسلحة”.

المغرب.. جواز سفر

يذكر مانديلا زيارته للمغرب بعد لقاء بورقيبة، قائلا “كانت العاصمة المغربية الرباط محطتنا التالية، وظهرت علينا بأسوارها العتيقة الساحرة ومتاجرها الحديثة ومساجدها الفاخرة، مزيجا رائعا من الملامح الأفريقية والأوروبية والشرقية”.

وأضاف “والرباط هي ملتقى المناضلين وحركات التحرير من كل أنحاء القارة الأفريقية، إذ التقينا فيها بمناضلين من الموزمبيق وأنغولا والجزائر وجزر الرأس الأخضر”.

وزار مانديلا – رفقة الوفد المرافق له – مدينة وجدة شرق المملكة، قائلا إنها “المركز الرئيس للجيش الجزائري في المغرب، حيث زرنا وحدة عسكرية على الجبهة، وتمكنت باستخدام المنظار من رؤية الجنود الفرنسيين في الجانب الآخر من الحدود، وأقر بأنني تخيلت أنني أرقب جنود قوات الدفاع التابعة لحكومة جنوب أفريقيا”.

عندما وصل مانديلا إلى المغرب أول مرة استقبله وزير الدولة المكلف بالشؤون الأفريقية عبد الكريم الخطيب.

وقد استفاد مانديلا من جواز مغربي مُنح له للتنقل في دول أفريقية سنوات نضاله ضد نظام الفصل العنصري في بلاده.

موريتانيا.. شارع باسمه

بمناسبة الذكرى المئوية لميلاده، قام الرئيس الموريتاني السابق، محمد ولد عبد العزيز، في 2018 بتدشين شارع وسط العاصمة نواكشوط، أطلق عليه اسم “شارع نيلسون مانديلا”.

وحضر الرئيس الجنوب الأفريقي حينها، سيريل رامافوزا، حفل التدشين، الذي جاء على هامش فعاليات القمة الـ31 للاتحاد الأفريقي بنواكشوط.

وفي خطاب بالمناسبة، قال ولد عبد العزيز إن “تسمية الشارع الحيوي بالعاصمة باسم نيلسون مانديلا يأتي تثمينا لنضاله المستميت ضد العنصرية، وذكرى تقدير لكفاحه المرير من أجل المساواة”، وفق ما أورده موقع “الأخبار” حينها.

وأوضح أن بلاده “وقفت بكل مكوناتها إلى جانب الشعب الجنوب أفريقي ودعمت نضاله”.

ليبيا.. العلاقة مع القذافي

كانت علاقة “نيلسون مانديلا” بالعقيد الليبي الراحل معمر القذافي، مثار جدل سياسي وإعلامي مستمر.

فقد زار “مانديلا” الزعيم الليبي عندما فرضت الأمم المتحدة عقوبات على طرابلس عام 1992 إثر رفض الراحل معمر القذافي تسليم المشتبه بهم في تفجير طائرة ركاب أميركية عام 1988 فوق بلدة لوكربي في اسكتلندا.

وكان “نيلسون مانديلا” يؤمن أن ليبيا – تحت حكم النظام الجماهيري بقيادة العقيد الراحل معمر القذافي ساعدت نضالاته في تحرير السود.

زر الذهاب إلى الأعلى