مقالات الرأي

مجلس يندب.. وبرلمان يستنكر.. وحكومة تتخبط

عفاف الفرجاني

رغم قناعتي الشخصية وتقديراتي السياسية للمشهد الليبي منذ استحداث جسم استشاري أطلق عليه المجلس الأعلى للدولة بدعم قطري تركي وبرئاسة القيادي المعروف لجماعة الإخوان المسلمين فرع ليبيا خالد المشري ومقره العاصمة المحتلة طرابلس، إلا أنني لا أفرق بينه وبين أي حكومة جاءت منذ تأسيسه حتى اليوم (مع كامل احترامي لبعض الشخصيات الوطنية فيه)، سواء حكومة السراج أم حكومة الدبيبة، فكلهم ينتمون لحليف أجنبي واحد.
المجلس جاء ليؤسس خارطة طريق للجماعة المتأسلمة في المنطقة بعد دحرهم في أكثر من دولة عربية، والحكومات مطامعها تكمن في الكراسي، إلا أن التفاوت بين مواقفها اليوم بشأن بعض القضايا والاستحقاقات أصبح ضبابيا إلى حد يخيل للمتفرج على المشهد في ليبيا أن مجلس المشري أكثر وطنية من أي جسم في ليبيا لولا إيماننا بأن جماعة الإخوان لا انتماء لهم إلا لجماعتهم، فالتمايز حول السياسة الداخلية لليبيا في الوقت الراهن يؤكد ولأول مرة أن وجهتي نظر الحكومة والمجلس غير متوافقتين، فموقف الحكومة منتهية الولاية في الفترة الأخيرة كشف عن وجه لا يحمل لليبيا إلا الدمار والفوضى مستعينا بالقوى الخارجية من الطامعين والقوى الداخلية من الميليشيات المسلحة.
فعائلة الدبيبة ومن يعمل في فلكها لم تعد محتاجة لإخفاء نواياها، اليوم الدبيبة وعصابته بعد أن قصفوا المناطق الغربية بطيران مسير، امتهنوا أسلوبا آخر ضمن محاولاتهم للاستمرار في السلطة من خلال أجنحتهم الأمنية من الميليشيات المسلحة، يعتقلون شخصيات اعتبارية داخل المطارات والمنافذ، وآخرهم وزير المالية السابق فرج بومطاري الذي شكل اخطاف ازمة اقتصادية الا وهي اقفال حقول النفط تنديداً بخطفه، وتم اعتقاله من داخل مطار معيتيقة دون أي تهم موجهة له، بالرغم من خلو ملفه من أي شبهات جنائية كما أوضح النائب العام، بالإضافة إلى منع بعض من أعضاء مجلس الدولة من السفر مع حجز حريتهم وجوازات السفر الخاصة بهم في مطار معيتيقة.
الدبيبة وزبانيته تمردوا على كل الأجسام في ليبيا، ويأتي هذا ضمن الدعم الأجنبي لهم، تحديدا من بريطانيا وتركيا، فالأخيرة تحاول اليوم التملص من حلفائها من الإخوان في المنطقة، فلولا تعليمات الباب العالي لما استطاع هذا القزم إيقاف جواز سفر واحد لجماعة المجلس وهو في طريقه إلى تركيا يوم كان أردوغان يدير شؤون الجماعة في المنطقة قبل أن يسلخ جلده ليصبح ليبرالي الشكل والمضمون بعد ضمان بقائه في السلطة.
خارطة اللعبة تغيرت والدمى أبطال المشهد السياسي الليبي تم تغيير أدوارهم، اليوم يسحب البساط من تحت أقدام الإخوان المتواجدين في المجلس ليجعل المجلس أمام خيار واحد هو الاصطفاف إلى الشرعية المتمثلة في مجلس النواب ضد حكومة الدبيبة التي أعلنت الحرب على مجلس الدولة عقب اتفاقه مع مجلس النواب باستحداث حكومة جديدة تستمر لمدة 240 يوما من موعد إجراء الانتخابات، الأمر الذي أزعج الدبيبة وجعله يقوم بهذه الإجراءات التعسفية ضد شخصيات اعتبارية معروفة شرقا وغربا محسوبة على المشري.
وعليه لا إقفال النفط سيساعد على حل الأزمة ولا شكاوى النائب العام ستحصد نتائج، هذه الحكومة التي تشكل مافيا في ليبيا تحتاج إلى انتفاضة شعبية تبدأ من رأس جدير وتنتهى في المنطقة الوسطى، ليس بطردها فقط، بل باحتجازها وتقديمها للعدالة وإعادة كل درهم هرب خارج ليبيا، وفسخ كل العقود الموقعة في جنح الظلام، ولو اقتضى الأمر إقامة مقاصل لهم في الساحات العامة عقابا عن فوضى الدم والخطف والنهب والقتل والتخريب التي ألحقوها بأبناء هذا الشعب الطيب.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى