مقالات الرأي

فشل العدوان باعتراف الاحتلال

ناصر سعيد

جاء العدوان الصهيونيّ الجديد على جنين مدينةً ومخيّماً الأيام القليلة الماضية ترجمة للسلوك العدواني والإرهابي، وكشف عن ضوء أخضر أمريكي بريطاني، وقد قوبل هذا العدوان بمقاومة بطولية من الشعب الفلسطيني عطلت الآلة الحربية المسعورة جوّاً وبرّاً وبالمسيّرات والتكنولوجيات السيبرانية وأفشلت أهداف العدوان، فرغم استقدام الاحتلال التعزيزات الكبيرة البرية والجوية والاستخبارية، واشتراك عدد من وحدات أجهزة متخصصة بجيشه وقواته الخاصة ومخابراته في عدوانها، إلا أنها فشلت في الحفاظ على الأرض، ولم تجد نفسها في مأمن من المقاومين الأبطال الذين استطاعوا محاصَرة الغزاة في بعض الأزقة والمباني داخل المخيّم والإيقاع بهم في كمائن محكمة، من خلال استخدام عبوات متفجرة ضخمة بعضها يستخدم لأول مرّة لإعطاب آليات الاحتلال وإلحاق خسائر في صفوفه، مما أجبرهم على الانسحاب تحت نيران المقاومة الفلسطينية في مشهد يبرهن على إخفاق العدو في تحقيق أهدافه المعلنة، فضلاً عن تكبدهم خسائر بشرية في كمين ساهمت فيه عدة مجموعات مقاومة متنوعة داخل جنين ومخيمها، والتي أظهرت وحدة متميزة في التصدي للعدوان، وسط احتضان شعبي واسع.
إن الإرهاب الصهيوني وعدوانه المفتوح على مدينة ومخيم جنين في الضفة الغربية، لم يكن المرة الأولى خلال هذا العام، ولكنه الأشد ضراوة وإجراماً، وهو يعبّر مجدداً وبشكل صريح عن الجوهر الفاشي العنصري للكيان الصهيوني، وعن مسعى الكيان وحكومته الحالية لتحويل الأنظار عن أزماته الداخلية عبر رفع درجة التصعيد مع الشعب الفلسطيني.
إنّ الكيان الصهيوني وقادته يدركون أكثر من أي أحد آخر، أنّ التطورات الجارية على الساحة العالمية لا تصب في صالحهم بأي شكل من الأشكال، بل على العكس فإنها تصب بالضد تماماً من مصالحهم، وخاصة مع تراجع التأييد الدولي لهذا الكيان في الغرب، ولذا فإنّ تكثيف سياسات التهجير والعدوان والاستيطان ليس تعبيراً عن قوة كما يحاول الكيان تصوير الأمر، بل العكس تماماً؛ هو تعبير عن الضعف الذي بلغه هذا الكيان على جميع الصعد وخاصة الأخلاقية والذي سيقوده الى التحلل نتيجة سياساته العنصرية.
وفي الوقت الذي نحيي فيه الشعب الفلسطيني في مخيم جنين عنوان المقاومة والصمود وهو يواجه العدوان الغاشم بشجاعة منقطعة النظير ورباطة جأش تعكس تصميمه على تحرير الأرض وهزيمة العدوان، فإن الحكومات العربية التي طبعت علاقاتها مع الكيان معنية بإعادة النظر في ذلك احتراما لكفاح الشعب الفلسطيني وحقوقه والدماء الزكية التي أريقت من أجل استعادة فلسطين لشعبها وحاضنتها العربية، كما أن جماهيرنا العربية مطالبة بالضغط على حكوماتها لاتخاذ مواقف أكثر جرأة وقوة لمواجهة الاعتداءات والانتهاكات على شعبنا الأعزل المقاوم في فلسطين.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى