حكومة بوابة الفساد
عبد الله المقري
حاولت المافيا التي تمكنت من الظفر بأموال العمولة عبر سنوات من احتكار تنفيذ بعض المشروعات ذات الصفة الاستعجالية وبتسهيلات غريبة بدعوى ضرورة سرعة بناء المركز الإدارية أن تصبح رقما في الاستحواذ على المال العام ما جعل المرحوم شكري غانم، وهو أمين اللجنة الشعبية العامة، يطلب تحويل ملف هذه المافيا إلى التحقيق، باعتباره يغطي كما هائلا من المخالفات الإدارية والمالية، ويحمل شبهة فساد ستخلف آثارها لسنوات قادمة على جل الأعمال التي نفذت، وهكذا تتسرب قيادات هذه المافيا بالوصول إلى السلطة بوسائل شبهات الفساد، ويصبح ما تقوم به حكومة الوحدة الوطنية بصرف الإنفاق غير المشروع برغم أن مجلس النواب لم يعتمد أيا من الميزانية لهذه الحكومة التي تتضح من خلال الوثائق التي تصدر بين الحين والآخر أنها غارقة في المخالفات المالية، ما يحقق صورا وشبهات للفساد يحمل الميزانية العامة كاهلا خطيرا واستنزافا ينعكس على تكلفة المعيشة الحياتية لليبيين، ويعود بتحقيق مكاسب نهب المال العام من قبل العصابة التي تدير البلد وبشكل مستمر يجعل هذه الحكومة بمثابة لص كبير لم يترك فرصة إلا ويظفر بغنيمته دون عقاب ودون توقف لاستنزاف المال العام لعدم وجود رادع ولعدم وجود مؤسسة رقابية قوية تملك القدرة على معاقبة المجرم والعابث بالمال العام وبشكل يحفظ المؤسسات العامة من تسرب الرشوة والفساد المالي إلى كل معاملاتها، بل أصبحت إدارات الدولة مهتمة بما يحقق لمديريها والنافذين بها وأصحاب القرار المزيد من الكسب الحرام.
ومع تغول الحكومة في تدوير أزماتها بوسائل الغش والاحتيال وتبذير الأموال، وفق صفقات للأعمال أو للخدمات أو لميزانيات الوزارات والشركات العامة الكبرى تتسرب القوائم وتنشر الوثائق التي تتعلق بمجال واحد، وينجح وزير التعليم العالي في تنفيذ سياسة وزارته، بل حكومته في نشر الفساد دون اعتبار لمركزه التعليمي والتربوي المرتبط بالأخلاق قبل العمل الوظيفي، لينتقي انتقاء أقرباءه وأبناء المسؤولين بما فيهم الجهات الرقابية في إرسالهم في بعثات دراسية للخارج، وأغلبها إلى دولة تركيا الاستعمارية لمزيد من هيمنة تركيا على استقطاب المنح المدفوعة بالعملة الصعبة للاقتصاد التركي ما جعل ديوان المحاسبة يهتم بهذه القضية بعدما صعدت للسطح وأصبحت قضية رأي عام تتفه موقف حكومة الوحدة الوطنية والتي أصبحت تدير الفساد كمهام لنشاطها، ومن هنا يدخل السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي إلى بوابة الفساد دون كبح جماح أغلب المسؤولين في تضمين أسماء أولادهم، وزوجاتهم، وأشقائهم، في قائمة إيفاد الأوائل من الخريجين للخارج، وبعد 7 سنوات من المماطلة من بعض المستهدفين للدراسة تصبح القائمة التي يلحق بها ممن هم نقلوها إلى الإنجاز وأصبحت في طور التنفيذ بجهد المافيا والعصابة الحاكمة.
ومع تصدي النائب العام وإيقاف هذا الانحراف وهذه المهزلة يستمر العبث بما هو غير الأخلاقي والذي يلحق بمجال ما يسمى التعليم العالي والبحث العلمي، وبذلك لم يبق أي مجال نظيف وفقدت هذا المنظومة الفاسدة القيم الأخلاقية في إدارة الدولة والشأن العام.