لماذا هذا التشدد وإصبعك دائما على الزناد؟!
عبدالله الربيعي
في أحد اللقاءات الوطنية وجه لي أحد الإخوة هذا النقد، وكأن الموقف من ما يدور في وطننا ترف أو مزايدات سياسية أو لنا طرق أو فائض خيارات للخروج مما نحن فيه.. أو الطرف المقابل قد ندم أو أعادت الأيام والسنون العجاف له الوعي أو الاكتفاء من العبث والنهب والتدمير!
علمتنا دروس التاريخ وتجارب الممارسات السياسية للحكومات والجماعات السياسية والعسكرية والميليشياوية أنها لا تتراجع ولا تحاسب نفسها ولا تجري نقدا بناء إلا عندما تتعرض للهزيمة والانكسار، يومها فقط تسأل نفسها وتحاسب أعضاءها عن الأخطاء وعدم النجاح، وتعقد المؤتمرات وتوجه اللوم وتعقد المحاكمات لمسببي الهزيمة والانكسار، ما جرى ويجري في ليبيا من 2011 وإلى اليوم لا ينبئ أبدا على أن من تصدر المشهد العام له عقل أو ضمير وطني أو يخاف الله أو يعمل للناس من أهله أو غيرهم أي حساب أو أنه يتحمل مسؤولية أمام نفسه أو أهله أو الشعب الليبي، ولقد نوه بعض المبعوثين الدوليين لليبيا أن من التقوا بهم (سياسيي الصدفة) لا تهمهم إلا مصالحهم واستمرارهم في السلطة، وهم على استعداد لتقديم كل التنازلات الوطنية من أجل ذلك، فكيف لنا بعد هذه السنين العجاف وسنوات العبث والفوضى واللامعقول أن نسكت على النهب والتفريط والتنازلات، ليس للدول، بل لمنظمات تدعي السلام والحوار والديمقراطية، وهي تضمر ما لا تظهر من أهداف خطيرة تشكل خطرا جسيما على الأمن القومي وعلى وحدة الليبيين ومستقبل وجودهم، ـ مثال على ذلك ما تقوم به منظمة الآراباتشي الإيطالية الممولة من الاتحاد الأوربي والمخابرات الإيطالية والتي تهدف إلى توطين عشرين مليون إفريقي من جنوب الصحراء بالجنوب الليبي حماية لأوروبا من الهجرة غير الشرعية التي تهدد اقتصادها المأزوم وتعمل على تغيير ديمغرافيتها الهشة، هذه واحدة من عشرات التحديات والمخاطر وما خفي أعظم، بعضها كشف وأكثرها جرى إخفاؤها عن الرأي العام، فاستمرار غياب الدولة وتحديد المسؤوليات والمحاسبة، من شأنه تعريض مستقبل ليبيا وشعبها للخطر، فكيف لمثلي أو لغيري أن لا يرفع الصوت ويعلن مواقف ويضع إصبعه على الزناد بل يطلق النار على المفرطين والمتآمرين، والذين لم يتراجعوا بعد كل هذه السنوات من الفشل والخذلان!
فالمتآمرون استخدموا كل الوسائل واستقووا بالعدو الأجنبي إلى الإطاحة بالدولة وشنوا الحرب وأوقفوا التنمية وضربوا الأمن والأمان وضيعوا الثروات الهائلة وفرطوا في السيادة والاستقلال، ولم يلوموا أو يحاسبوا أنفسهم، فما عذركم أنتم الذين تدعون الوطنية من أعلى الصوت بل شن الحرب لرجوع الحق لأصحابه وتحرير الوطن من العبث واللادولة، فإما الاستقرار والدولة والعدالة في توزيع الثروات والمزايا والمهايا والاستقلال والسيادة، وإما المقاومة الشديدة المؤلمة حتى النصر.